إيران وتداعيات حرب الأخيرة: ما هو “الخيار الثالث”

إيران وتداعيات حرب الأخيرة: ما هو “الخيار الثالث”

موسى أفشار

أكد أمين الرعايا أن النتيجة الأكثر حسماً ووضوحاً للحرب الأخيرة هي إثبات أن مصير إيران ومستقبلها يُصنع فقط بأيدي الشعب الإيراني وأبنائه ومقاومته المنظمة، من خلال معاناتهم ونضالهم

إيران وتداعيات حرب الأخيرة: ما هو “الخيار الثالث”

الخلیج بوست

في مقابلة أجرتها قناة “سيماي آزادي“، تلفزيون المقاومة الإيرانية، مع السيد إحسان أمين الرعايا، عضو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، تم تحليل تداعيات حرب الـ12 يوماً الأخيرة على إيران والنظام الحاكم والشعب الإيراني. ركزت المقابلة على الدروس المستفادة من هذه الحرب، والاتجاه الذي تسير فيه الأحداث بعد وقف إطلاق النار، وشرحت بعمق سياسة المقاومة الإيرانية المعروفة بـ”الخيار الثالث“، والتي أكدت عليها الرئيسة المنتخبة للمقاومة، السيدة مريم رجوي. يقدم هذا التقرير ملخصاً لأهم النقاط التي وردت في هذه المقابلة المحورية.


نتائج حرب الـ12 يوماً ومصير إيران

أكد أمين الرعايا أن النتيجة الأكثر حسماً ووضوحاً للحرب الأخيرة هي إثبات أن مصير إيران ومستقبلها يُصنع فقط بأيدي الشعب الإيراني وأبنائه ومقاومته المنظمة، من خلال معاناتهم ونضالهم. وأشار إلى أن الحرب أثبتت عدة حقائق أساسية:

  1. الحرب ليست الحل: لقد ثبت أن الحرب والتدخل العسكري لا يمكن أن يؤديا إلى إسقاط النظام.
  2. فشل سياسة الاسترضاء: الحكومات الغربية التي اتبعت سياسة الاسترضاء مع النظام لعقود، قامت بتقويته وسدّت طريق التغيير، مما أدى إلى خيانة السلام العالمي. وهو ما حذرت منه السيدة مريم رجوي قبل 21 عاماً.
  3. خيانة الإصلاحيين المزيفين: الفصائل والأفراد الذين أيدوا الولي الفقيه خامنئي في إشعال الحروب في المنطقة وعارضوا إسقاط النظام، خانوا الشعب الإيراني ومهدوا الطريق لهذه الحرب.
  4. الحل الوحيد هو الخيار الثالث: في المقابل، أثبتت الأحداث أن الحل الحقيقي الوحيد هو “الخيار الثالث” الذي أعلنته الرئيسة المنتخبة للمقاومة: التغيير بأيدي الشعب الإيراني ومقاومته المنظمة، أي لا حرب أجنبية ولا سياسات مهادنة غربية، بل إسقاط النظام بأيدي الشعب والمقاومة.

شرح “الخيار الثالث” وأسسه

أوضح أمين الرعايا أن عبارة السيدة رجوي “وقف إطلاق النار وانتهاء الحرب الأجنبية هو تقدم للخيار الثالث” تعني أن الحرب ليست الساحة التي يمكن للشعب ومقاومته أن يلعبا فيها دوراً، بل هي ساحة الحكومات والقوى الحاكمة التي تسلب الشعب قدرته على الفعل. فالحرب تمهد الطريق للبدائل المعادية للشعب والتابعة للاستعمار.

وتقوم فلسفة “الخيار الثالث” على عدة أسس:

  • من الناحية المبدئية: ينبع من التزام منظمة مجاهدي خلق الإيرانية بالاستقلال والاعتماد على الذات.
  • من الناحية الاستراتيجية: هو تعبير آخر عن مبدأ “لا يحك ظهرك مثل ظفرك”، أي مواجهة النظام بالاعتماد فقط على قوة الشعب الإيراني.
  • من ناحية السياسة الخارجية: هو امتداد لإرث رئيس الوزراء الدكتور مصدق في سياسة “التوازن السلبي” (عدم الانحياز للقوى الأجنبية)، ولكن بتفسير نشط يدافع عن المصالح الوطنية مع الحفاظ على علاقات فاعلة مع العالم.
  • من الناحية التاريخية: هو نفس المسار الذي تجلى في ثورات إيران على مدى المئة عام الماضية، وصولاً إلى منظمة مجاهدي خلق في أشرف.

وشدد على أن “الخيار الثالث” ليس مجرد موقف سلبي يقول “لا للحرب ولا للمهادنة”، بل هو حل نشط، يحمل راية الانتفاضة والإسقاط، ويرفض التبعية للأجانب، ويعتمد على الشعب الإيراني وقوته المنظمة المتمثلة في وحدات المقاومة.

التطبيق العملي لـ “الخيار الثالث” عبر التاريخ

أكد أمين الرعايا أن “الخيار الثالث” ليس مجرد نظرية، بل هو التعبير النظري المكثف عن جميع معارك وأنشطة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة منذ عام 1981 وحتى الآن.

  • مناهضة الحرب: رفعت المقاومة الإيرانية شعار “السلام والحرية” في وجه حرب خميني ضد العراق التي دامت 8 سنوات، واعتبرتها حرباً معادية للوطن بعد أن عرض العراق السلام في عام 1982. وأشار إلى أن جيش التحرير الوطني هو الذي أجبر الخميني على “تجرع كأس السم” وقبول وقف إطلاق النار بعد عملياته العسكرية.
  • مكافحة الإسترضاء: خاضت المقاومة معركة سياسية وقانونية واسعة لإزالة اسم منظمة مجاهدي خلق من قوائم الإرهاب التي وضعتها الحكومات الغربية بطلب من النظام.
  • إسقاط النظام بأيدي الشعب: من معارك مجاهدي خلق في الثمانينيات، إلى تأسيس جيش التحرير الوطني، وصولاً إلى وحدات المقاومة المنتشرة الآن في جميع المحافظات الإيرانية، كل ذلك كان تجسيداً عملياً لاستراتيجية الاعتماد على الذات.

تأثير الحرب على المشهد السياسي وتفسير سلوك النظام

أشار أمين الرعايا إلى أن الحرب الأخيرة أدت إلى تغييرات واضحة في اصطفاف القوى السياسية خارج النظام:

  • هزيمة أنصار الشاه: تعرض أنصار الشاه الذي كان يراهن على التدخل الأجنبي لهزيمة سياسية كبرى وسقط إلى أدنى مستوياته.
  • انكشاف إصلاحيي الخارج: كشف بعض الإصلاحيين المحسوبين على المعارضة في الخارج عن ارتباطاتهم الوثيقة بالنظام، حيث دافعوا عن “الهيكل الدفاعي والأمني” لإيران، والذي لا يعني سوى حرس النظام ووزارة المخابرات.

أما عن سبب دخول خامنئي في مسار الحرب رغم عواقبه الوخيمة، فقد قدم أمين الرعايا تفسيراً معاكساً للسائد، مؤكداً أن النظام لم يدخل في أزمة إسقاط بسبب الحرب، بل دخل الحرب لأنه كان بالفعل تحت تهديد الإسقاط. لقد حاول خامنئي الهروب من انتفاضة الشعب الإيراني (خاصة انتفاضة 2022) عبر إشعال فتيل الحرب في المنطقة، لكن هذه الاستراتيجية فشلت فشلاً ذريعاً.

نظام في ورطة استراتيجية

في الختام، أكد أمين الرعايا أن دعاية النظام حول “الانتصار” لا قيمة لها، فالحقائق على الأرض تشير إلى عكس ذلك تماماً:

  1. النظام عالق في مستنقع الحرب: الخروج من هذا المستنقع له ثمن باهظ، سواء بالاستسلام أو بمواصلة الحرب أو بالمراوغة، وكل الخيارات تقربه من السقوط.
  2. فشل استراتيجية خامنئي: استراتيجية النظام التي كانت مبنية على حزب الله في لبنان، والهيمنة على سوريا، والبرنامج النووي، قد انهارت.
  3. البرنامج النووي عبء وجودي: لم يعد مهماً ما تبقى من منشآت النظام النووية، بل المهم أن هذا البرنامج فقد خاصيته الوجودية كضامن لبقاء النظام، وأصبح تحدياً لوجوده.

الخلاصة النهائية للمقابلة هي أن الرد على نظام الملالي يكمن في مقاومة نابعة من قلب المجتمع الإيراني، وأن الرد على “مدن الصواريخ” التابعة للنظام هو “المدن المنتفضة بشبابها الثائر“.