الحكومة اللبنانية
نداءات لإخراج تشكيلة الحكومة من أدراج بعبدا لا تصل أسماع عون

لم يبق للبنانيين غير الدعاء
تُراوح الأزمة الحكومية في لبنان مكانها منذ أشهر، ويرفض المعنيون بالتشكيل الإصغاء للمناشدات التي تجددت في الفترة الأخيرة، وآخرها النداء الذي وجهه الأربعاء البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي.
وتوجه البطريرك في عظة له بمناسبة عيد الغطاس إلى رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري، طالبا منهما “لقاء وجدانيا، لقاء مصالحة شخصية، لقاء مسؤولا عن انتشال البلاد من قعر الانهيار، بتشكيل حكومة إنقاذ بعيدة ومحرّرة من التجاذبات السياسية والحزبية، ومن المحاصصات”.
وتشهد العلاقة بين عون والحريري توترا على خلفية التشكيلة الحكومية التي تقدم بها الأخير الشهر الماضي، والتي رفض الرئيس اللبناني المصادقة عليها متهما رئيس الوزراء المكلف بالانفراد بمهمة التأليف، ضاربا عرض الحائط بمطالبه، وهو ما ينفيه الحريري.
وترى دوائر سياسية أن المسألة أبعد من خلاف على مسائل إجرائية، وكلا الطرفين يحاولان من خلال المناوشات والاشتباكات التي تظهر من حين لآخر الابتعاد عن لب المشكلة المتمثلة أساسا في عدم رغبة كل من حزب الله والتيار الوطني الحر السير في حكومة جديدة قبل انجلاء الوضع في الولايات المتحدة وتسلم إدارة جو بايدن السلطة، وعلى مقتضى ذلك سيبنيان موقفهما.
وأعلن رئيس الوزراء المكلف الثلاثاء، أن تأليف الحكومة ينتظر انتهاء الرئيس ميشال عون، من دراسة التشكيلة الحكومية. وجاء موقف الحريري في بيان صدر عن مكتبه الإعلامي، ردا على بيان لتكتل “لبنان القوي” النيابي الذي يرأسه جبران باسيل، صهر عون.
وعقد التكتل اجتماعا، الثلاثاء، برئاسة باسيل، دعا في ختامه الحريري إلى “تحمل مسؤولياته والقيام بواجباته الوطنية والدستورية.. وعدم اختلاق العراقيل الداخلية لإخفاء الأسباب الحقيقية وراء تأخير عملية التشكيل”.
وأوضح بيان مكتب الحريري أن الأخير “قام بواجباته الوطنية والدستورية على أكمل وجه وقدم لرئيس الجمهورية تشكيلة حكومية من اختصاصيين غير حزبيين مشهود لهم بالكفاءة والنجاح”.
وأضاف أن التشكيلة “تنتظر انتهاء رئيس الجمهورية من دراستها”. وأشار البيان إلى أن “المشكلة واضحة.. وهي داخلية عبر التمسك بشروط تعجيزية”. وفي أوائل ديسمبر، أعلن الحريري أنه قدم إلى عون “تشكيلة حكومية من 18 وزيرا من أصحاب الاختصاص، بعيدا عن الانتماء الحزبي”.
إلا أن عون أعلن في وقت لاحق، اعتراضه على ما أسماه “تفرد الحريري بتسمية الوزراء، خصوصا المسيحيين، دون الاتفاق مع رئاسة الجمهورية”. وكلّف عون، في 22 أكتوبر الماضي، الحريري بتشكيل حكومة، عقب اعتذار سلفه مصطفى أديب، لتعثر مهمته بتأليفها.
وقال رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة، “ليبادر رئيس الجمهورية ميشال عون ويتصرف كرئيس جمهورية لا كرئيس للتيار الوطني الحر”. وأضاف، بعد لقائه الأربعاء، رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة، “الدستور يحمي الجميع، والدولة القادرة والحياديّة تجمع اللبنانيين، والعمل لمصلحة لبنان بهدف المحافظة على الدولة بدل من تركها في المهاوي التي لا خروج منها”.
ويعجز لبنان عن تشكيل حكومة منذ أن استقالت حكومة تصريف الأعمال الراهنة، برئاسة حسان دياب، بعد 6 أيام من انفجار كارثي بمرفأ العاصمة بيروت، في 4 أغسطس الماضي الذي أودى بحياة نحو 200 شخص وإصابة نحو 6000 آخرين فضلا عن أضرار مادية هائلة. ويواجه لبنان أزمة مالية واقتصادية هي الأسوأ منذ عقود، في ظل يأس المجتمع الدولي من اجتراح النخبة السياسية الحالية أي حلول.