صدى مستقبل إيران في بروكسل

صدى مستقبل إيران في بروكسل: المقاومة المنظمة كبديل ديمقراطي

لم يكن التجمع والمظاهرة التي شهدتها مدينة بروكسل يوم السبت 6 سبتمبر مجرد حدث سياسي

المقاومة المنظمة كبديل ديمقراطي

الخليج بوست

لم يكن التجمع والمظاهرة التي شهدتها مدينة بروكسل يوم السبت 6 سبتمبر مجرد حدث سياسي، بل كان مرآة جلية تعكس المصداقية الإيرانية والدولية لمنظمة مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية. لقد كان هذا الحدث بمثابة وثيقة حية على الأصالة الإنسانية والتاريخية لصمود طويل ونضال دامٍ ضد الاستبداد الديني الحاكم في إيران. إن مثل هذا التجمع هو رمز للديناميكية المستمرة لقضية تخترق الحواجز؛ رسول يحمل رسالة الحرية إلى ضمائر العالم الحية، ويذكر بأن إرادة أمة للتحرر هي شعلة متقدة لا تنطفئ أبدا

هذا التجمع والمظاهرة – شأنه شأن الأمثلة السابقة في عواصم أوروبية وأمريكية أخرى – هو بمثابة بوق بداية جديدة بين أعضاء وأنصار عائلة المقاومة الإيرانية الكبيرة. في زمن كان يمكن فيه للقمع والنفي والضغوط الاقتصادية والتشتت الجغرافي أن تشكل أكبر عائق أمام الأنشطة الجماعية للإيرانيين، تُظهر مثل هذه التجمعات أن قضية الحرية والديمقراطية لا تزال قادرة على تخطي كل الحدود وجمع الإيرانيين حول قضية وعلم مشترك

 

إن الحضور الواسع للإيرانيين في الخارج بمناسبة الذكرى الستين لتأسيس منظمة مجاهدي خلق وحول المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، يكتسب معناه في تقديم حل واضح ومثمر لإسقاط حكم الملالي؛ حل ذو مؤشرات جلية: تنظيم متماسك، حسم في النضال، عدم مساومة في وجه الاستبداد، الاعتماد على وحدات المقاومة، ورفض أي شكل من أشكال الديكتاتورية والتبعية، سواء في ماضي إيران أو مستقبلها. لهذا السبب، تمكن تجمع بروكسل من أن يقدم، على الصعيدين الإيراني والعالمي، المقاومة المنظمة للشعب الإيراني باعتبارها المنافس الأكثر شرعية وفعالية لديكتاتورية الملالي

وبالانتقال من المستوى السياسي لهذا التجمع، يُطرح السؤال التالي: كيف تحققت إنجازات مثل هذا التجمع؟ ما هو العامل الذي يمكن أن يحقق هذا المستوى من التنسيق بين الإيرانيين في الخارج – مع كل ما يواجهونه من مشاكل مهنية وهجرة وحياة يومية؟ الإجابة الأولى، بلا شك، تكمن في همة ومروءة المواطنين. إن حب الوطن، والشوق للحرية، والأمل في غدٍ خالٍ من الاستبداد، هو الدافع المحرك لحضورهم السياسي. لكن إلى جانب هذه الدوافع، يبقى السؤال الأساسي قائمًا: ما هي المؤسسة القادر على تركيز هذه الطاقة المشتتة وتحويلها إلى قوة مؤثرة؟

لقد أثبتت التجربة أن التنظيم المتماسك والمؤسسي الذي تم اختباره وأثبت كفاءته هو وحده القادر على خلق مثل هذا التأثير السياسي والاجتماعي الكبير. فلا يمكن لأي حركة عفوية، دون الاعتماد على هيكل منظم وذي خبرة نضالية، أن تخلق مثل هذا الحدث المهيب. من هذا المنطلق، كان تجمع يوم 6 سبتمبر في بروكسل، قبل كل شيء، رمزًا ملموسًا لقوة وقدرة تنظيم مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية على خلق الطاقات. فهذا التنظيم هو بمثابة بوتقة تصهر الإرادات الفردية لتنضج وتتحول إلى قدرة جماعية، وتصنع من مجموعها قوة منظمة لمواجهة الديكتاتورية. وسبب كل حملات الشيطنة وتركيز غرف الفكر لنظام الملالي على مجاهدي خلق والمقاومة الإيرانية، يكمن في هذا السر: القدرة على خلق طاقات بشرية بإكسير التنظيم

 

إن الصدى الدولي الواسع لهذا التجمع هو دليل آخر على مكانة المقاومة الإيرانية على الساحة العالمية. لقد أدركت وسائل الإعلام والسياسيون مرة أخرى، بمشاهدتهم هذا الحضور القوي، أن هناك بديلاً سياسيًا منظمًا ويتمتع بقاعدة اجتماعية؛ بديل لا يريد التغيير فحسب، بل يمتلك القدرة على تحقيقه

على الجانب الآخر، فإن ردود الفعل الهستيرية لمسؤولي النظام ووسائل إعلامه هي خير شاهد على حقيقة الأمر. فالرعب الذي استولى على نظام الملالي بأكمله ينبع تحديدًا من هذه الحقيقة: إنهم يدركون جيدًا أن القوة التنظيمية للمقاومة الإيرانية قادرة على تعبئة طاقات وقدرات المواطنين، وأن ترسم للإيرانيين والعالم طريق إسقاط محتلي إيران

 

ولم تكن بروكسل في 6 سبتمبر مجرد مضيف لتجمع إيرانيين، بل كانت مسرحًا لعرض اتحاد إرادات تريد أن تكسر أغلال كل أشكال الاستبداد عن جسد إيران. لقد أُضيف هذا اليوم إلى الذاكرة السياسية للنضال من أجل حرية إيران. وأثبت هذا اليوم مرة أخرى أن المقاومة الإيرانية هي بديل مستقر ومتجذر في مواجهة الاستبداد الشمولي الديني. لقد أظهر يوم 6 سبتمبر أن مستقبل إيران يمر عبر التنظيم، وأنه مضمون برفض كل أشكال الديكتاتورية