متهمون بقتل 14 مدنيًا واصابة 17 آخرين

الخارجية العراقية تنتقد عفو ترمب عن عناصر «بلاك ووتر»

الرئيس الأميركي دونالد ترمب

بغداد

 أعرب عراقيون الأربعاء عن غضبهم وحزنهم إثر سماعهم قرار الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب العفو عن أربعة حراس أمن أميركيين دينوا بقتل مدنيين عراقيين في بغداد عام 2007.

وأدت مجزرة ساحة النسور التي وقعت في سبتمبر 2007 الى مقتل 14 مدنيا واصابة 17 جراء إطلاق نار من عناصر شركة "بلاك ووتر" الأمنية الأميركية.

وأدعى فريق بلاك ووتر، الذي كان يتولى بموجب عقد حماية موظفي وزارة الخارجية الأميركية العاملين في بغداد، أنه رد على نيران أطلقها مسلحون لدى مروره في ساحة النسور.

وأصدر ترمب الثلاثاء قراراً بالعفو عن اربعة عناصر من "بلاك ووتر"، دينوا بارتكاب مجزرة ساحة النسور، كانوا يقضون أحكاماً طويلة بالسجن.

وقال العميد فارس سعدي، ضابط شرطة ترأس التحقيق في ما حصل "أشعر باليأس من زمان".

واضاف بحسرة خلال حديثه عبر الهاتف مع فرانس برس في بغداد، "13 سنة؟ أتذكر كل شيء كأنه أمس وليس أول من أمس".

وتابع "كان رميا عشوائيا بالكامل، أخذت ضحايا إلى المستشفى، ولكنني كُنت أعرف اننا لن نصل الى العدالة".

كان سعدي محققا رئيسيا من قبل الشرطة في ذلك الحادث المأساوي، وتولى التنسيق مع فريق مكتب التحقيقات الفدرالي الذي إرسل لبغداد حتى الادلاء بشهادات الشهود في المحكمة الأميركية.

في بادىء الأمر، دين ثلاثة حراس هم بول سلاو وإيفان ليبرتي ودستن هيرد بالقتل العمد ومحاولة القتل العمد أضافة إلى إستخدام أسلحة نارية، وحُكم على كل منهم بالسجن ثلاثين عاما. وحكم على رابع هو نيكولاس سلاتن بالسجن مدى الحياة انطلاقا من انه اول من اطلق النار.

كما صدر حكم مماثل بحق سلاتن لدى إعادة محاكمته في أغسطس 2019، وبعد شهر خفضت عقوبة سلاو و إيفان وهيرد إلى النصف أو دون ذلك.

واضاف سعدي "كنت أتابع كل شيء، رأيت تخفيف الاحكام تدريجياً بالمحاكم وعرفت أنه لن تكون هناك محاسبة. لذلك لم افاجأ" بالقرار الأخير.

جاء عفو ترمب بعد أسابيع قليلة من إغلاق المحكمة الجنائية الدولية تحقيقاً أولياً في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات البريطانية في العراق بعد غزوه عام 2003.

وبعدما اعلنت المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية عام 2017 ان هناك "أساساً معقولاً" لمثل هذه الجرائم، قالت هذا الشهر انها لم تجد دليلاً على أن بريطانيا قامت بحماية جنودها من الملاحقة القضائية.

واعتبر عضو مفوضية حقوق الإنسان العراقية علي البياتي أن القرارين المتتاليين يظهران ان هناك احتراما قليلا لحقوق الإنسان في الخارج.

وقال لفرانس برس "هذا الأمر يؤكد مخالفة هذه الدول لمعايير حقوق الإنسان والقانون الدولي. انهم يوفرون الحصانة لجنودهم مع أنهم يدعون حماية حقوق الإنسان".

ولم يشهد العراق أي محاكمة في قضية ساحة النسور بسبب ظروف الصراع الطائفي التي كانت تضرب البلاد.

وأعلنت بغداد آنذاك رفضها تجديد رخصة عمل شركة "بلاك ووتر"، كما رفضت وزارة الخارجية الأميركية تجديد عقدها مع الشركة للعمل هناك.

ودفع ما حصل هذه الشركة لتغيير إسمها مرات عدة، وأدمجت لاحقا بشركات أخرى لتشكل "مجموعة كونستيليس".

وحاليا، تعمل "مجموعة أوليف" إحدى أصغر شركات مجموعة كونستيليس في العراق.

ولم يصدر عن الحكومة العراقية الأربعاء أي رد فعل بخصوص العفو الرئاسي الأميركي.

خلصت المحكمة الأميركية الى إن أيا من المدنيين ال14 الذين قتلوا في ساحة النسور كان مسلحاً، وان العديد منهم كانوا داخل سياراتهم التي رشقت برصاص أسلحة رشاشة، علما ان طفلا واحدا على الاقل قضى في المجزرة.

وقال محامٍ أصيب بجروح لفرانس برس إن جميع عائلات الضحايا، عدا واحدة فقط، تلقت تعويضات من "بلاك ووتر."

وعرض على كل من عائلات القتلى تعويض قدره 100 الف دولار، فيما تسلم المصابون حوالى 50 الف دولار.

والوحيد الذي رفض التعويض كان هيثم الربيعي الذي فقد إبنه أحمد وزوجته محاسن.

وقالت زميلة دراسة سابقة لاحمد رفضت كشف اسمها لفرانس برس انه كان طالبا في كلية الطب عمره عشرون عاما.

واضافت "كنا جميعاً محطمين ومكسورين بعد تلقي خبر مقتله. كانت أوقاتا صعبة فعلا وسماع خبر مقتله ووالدته زاد شعورنا باليأس. في اي حال هذا ليس مفاجئا، الأميركيون لا يتعاملون معنا كبشر، دماؤنا أرخص من الماء بنظرهم، ومطالبتنا بالعدالة والمحاسبة مجرد إزعاج" لهم.