الأزمة الليبية
استقبال مصر لباشاغا يرفع أسهم الإخوان في حوار تونس

ماذا سيسمع في القاهرة
يرفع استقبال القاهرة لوزير الداخلية في “حكومة الوفاق”، فتحي باشاغا، أسهم الإخوان المسلمين في الحوار الليبي الذي سيناقش اختيار سلطة تنفيذية جديدة وتعيين مسؤولي المناصب السيادية.
وتزيد زيارة باشاغا -الذي يتهمه البعض بالانتماء إلى حزب العدالة والبناء الإخواني- إلى القاهرة من فرص توليه منصب رئاسة الحكومة المقبلة حيث تعكس قبولا مصريا به سبقته مؤشرات قبول فرنسي.
ومن المرجح أن يجري باشاغا محادثات مع مسؤولين مصريين تهدف إلى طمأنة القاهرة بشأن العناصر الأمنية التي سيتم نشرها إلى جانب قوات شرطية موالية للجيش بقيادة المشير خليفة حفتر في المنطقة الوسطى، وتحديدا في سرت والموانئ النفطية. كما لا يستبعد متابعون أن يجري باشاغا لقاءات مع ممثلين للجيش الليبي في سياق المحادثات الأمنية التي تشرف عليها القاهرة.
وسبق لمصر أن احتضنت نهاية سبتمبر الماضي محادثات أمنية بين عسكريين تابعين للجيش الليبي وآخرين يمثلون “حكومة الوفاق” تمحورت حول المسار الأمني المتعلق بالمنطقة الوسطى التي هددت تركيا بشن حرب للسيطرة عليها، وهو ما لوّحت مصر بالتصدي له معتبرة سرت “خطا أحمر” لن تسمح بتجاوزه.
وأثارت زيارة باشاغا إلى مصر استغراب المتابعين للشأن السياسي الليبي، خاصة أنها تأتي بعد أيام من زيارة أجراها إلى قطر وقّع خلالها اتفاقية تعاون أمني مع الدوحة في انتهاك لاتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف نهاية الشهر الماضي.
وأصدر المتحدث باسم الجيش الوطني الليبي، أحمد المسماري، بيانًا قال فيه “إن ما قامت به دولة قطر، والتي تعتبر أكبر داعم للإرهاب، من استخدام لعملائها في ليبيا اليوم ومن توقيع ما سمته باتفاقيات أمنية، يعتبر خرقًا لمخرجات حوار جنيف 5 + 5”.
واعتبر الاتفاق “محاولة خبيثة لتقويض ما اتفق عليه ضباط الجيش الليبي في جنيف من وقف لإطلاق النار ووقف التصعيد وإنهاء التدخل الأجنبي الهدام في الشأن الليبي”.
وعبرت الخطوة القطرية عن تضامن الدوحة مع أنقرة التي كانت أول من خرق الاتفاق من خلال رفضها تجميد اتفاقية التعاون العسكري مع “حكومة الوفاق”، حيث أعلنت وزارة الدفاع التركية عن استمرار تدريب عناصر تابعة للحكومة الليبية في ليبيا وأنقرة.
وتنص المادة الثانية على “تجميد جميع الاتفاقيات العسكرية الخاصة بالتدريب في الداخل الليبي وخروح أطقم المدربين الأجانب إلى حين استلام الحكومة الموحدة مهامها وتكليف الغرفة الأمنية المشكلة بموجب هذا الاتفاق باقتراح وتنفيذ ترتيبات أمنية خاصة تكفل تأمين المناطق التي تم إخلاؤها من الوحدات العسكرية والتشكيلات المسلحة”.
وفي حين كان من المنتظر أن تواجه القاهرة ومن خلفها البعثة الأممية هذه التجاوزات التي تعكس استمرار العنجهية التركية، بحزم، تفاجأ المتابعون باستقبال باشاغا وهو ما يعزز التوقعات بوجود توافق إقليمي ودولي بشأن توليه إما رئاسة الوزراء أو رئاسة المجلس الرئاسي الجديد.
ويدعم مراقبون هذه التوقعات من خلال التأكيد على أن التنسيق بخصوص تأمين المنطقة الوسطى (سرت والهلال النفطي) كان يمكن أن يقتصر على عمل اللجنة العسكرية ولا يستدعي بالضرورة تدخل باشاغا وإنْ كان لديه نفوذ على ميليشيات مصراتة، متسائلين عن سبب عدم استدعاء وزير الدفاع صلاح الدين النمروش للتنسيق أيضا إذا كان الأمر يتعلق فعلا بتأمين المنطقة؟
ويحيط الغموض بالمحادثات القادمة؛ ففي حين يتحدث البعض عن تشكيل سلطة تنفيذية جديدة يروّج الإسلاميون لفكرة أن حوار تونس سيركز فقط على تعديل السلطة التنفيذية وسط أنباء عن مساع تركية لإبقاء فايز السراج على رأس المجلس الرئاسي وتعيين رئيس حكومة من الشرق (برقة) مع إمكانية الإبقاء على باشاغا وزيرا للداخلية، في خطوة تهدف بالأساس إلى ضمان عدم إلغاء اتفاقية ترسيم الحدود البحرية.
وتتضارب هذه التوقعات مع سيناريو كان قد تردد خلال الفترة الماضية وهو أكثر واقعية، يتمثل في تعيين رئيس البرلمان عقيلة صالح رئيسا للمجلس الرئاسي في حين يتم تعيين رئيس حكومة من الغرب وتحديدا من مدينة مصراتة ذات الثقل السياسي والعسكري المهم والتي ينتمي إليها فتحي باشاغا.
وتعبّر تصريحات المسؤولين الأتراك وحلفائهم الإسلاميين في ليبيا عن قلق وتخوّف من خسارة النفوذ التركي، لكن مجريات الأمور على الأرض ما زالت تسير وفق ما يريده الأتراك، وهو ما يعكسه تراجع السراج عن الاستقالة التي كانت تعارضها أنقرة، إضافة إلى عودة لجنة 5 + 5 للاجتماع في غدامس من جديد بعد الإعلان عن التوصل إلى اتفاق في السابع والعشرين من أكتوبر الماضي.