من أجلهم يحل السلام..
نازحو السودان يحلمون بغد بلا عنف

في معسكرات النزوح السودانية
«أهدي السلام الذي وقعناه إلى أطفالنا الذين ولدوا في معسكرات النزوح واللجوء، لأُمّهات وآباء يشتاقون لقراهم ومدنهم، ينتظرون من ثورة ديسمبر المجيدة وعد العودة، وعد العدالة، وعد التنمية، ووعد الأمان».
كانت هذه الكلمات أول ما تفوّه به رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك، عقب توقيع بلاده اتفاق السلام بين الخرطوم والحركات المسلحة يوم الإثنين 31 أغسطس 2020.
تتمحور أهمية الاتفاق المبرم بين السودان وبين الفصائل المسلحة في عاصمة جنوب السودان جوبا بوساطة مصرية - إماراتية، في نقاط عدة، يأتي في مقدمتها الجانب الإنساني، إذ رحبت كل من الولايات المتحدة والمملكة المتحدة والنرويج بتلك الخطوة، معتبرة أنها تُرسي الاستقرار المستدام في دارفور وغيرها من المناطق المتضررة من الصراع، وهو أمر بالغ الأهمية للانتقال الديمقراطي في السودان.
ويتطلع السودانيون في معسكرات النزوح إلى إحلال السلام، وتحسن أوضاع المعيشة بعد توقيع الاتفاقية؛ بعد أعوام من اقتتال العناصر المسلحة، وتعرض النساء والأطفال للانتهاكات والعنف، إضافة إلى تورط بعض العناصر في الإرهاب، ووصم تلك المعسكرات بأنها أماكن لتفريخ الإرهابيين.
ويعاني قاطنو معسكرات النازحين في دارفور من قلة الغذاء والخدمات؛ نتيجة سيطرة منسوبي الحزب الحاكم وأعوانهم داخل المعسكرات على تدفق وتوزيع الإغاثة، في ظل سياسة الطرد والتهديد للمنظمات الإنسانية العاملة في الإقليم، التي استخدمها النظام السابق (نظام الرئيس عمر البشير) بصورة ممنهجة للسيطرة على النازحين؛ وحذر متابعون من انهيار النظام الغذائي داخل المعسكرات وفي الإقليم ككل، حال عدم تغيير السياسات والأساليب الأمنية السابقة في الإشراف على العمل الإغاثي، لا سيما عقب الثورة التي أطاحت بنظام عمر البشير.
الإرهاب المختبئ
لعل الجانب الأكثر خطورة في معسكرات النزوح بالمناطق المتنازع عليها بالسودان، هو اختباء بعض العناصر الإرهابية مستغلة حالة الفوضى، إذ تم ضبط عدة خلايا إرهابية في الضواحي القريبة من المعسكرات بعضهم يتبع جماعة الإخوان المصرية، بحوزتهم عبوات وأحزمة ناسفة، ومواد كيمائية، وأجهزة إلكترونية، وخرائط لبعض المدن السودانية.
كما تُبرز الزيادة الأخيرة في أعمال العنف في ولايات دارفور وجنوب كردفان والنيل الأزرق وبورتسودان التحديات التي تواجه تحقيق السلام المستدام، وأهمية وضع حل لما يعانيه النازحون، وسط مناخ ملائم لزيادة المجموعات الإرهابية التي تهدد المدنيين، والتي يمتد نطاق خطورتها خارج السودان.
وعن تلك المجموعات الإرهابية التي يهمها أن تعم الفوضي، قال الباحث السوداني، الهادي محمد الأمين: إن مواجهة التنظيمات التكفيرية يتطلب القضاء على البيئة الحاضنة، عبر تعاون إقليمي ودولي، مشيرًا إلى أنها في الأصل شبكات طبيعة أعمالها التنظيمية والهيكلية تتم عبر التشبيك والارتباطات ما بين (المكون المحلي) و(المكون الخارجي) واتصال الداخل بالخارج بمستوياته الإقليمية والدولية؛ ما يعني أن الإرهاب والتطرف الديني ليس مهددًا محليًّا وإنما جريمة عابرة للقارات والحدود.
وأضاف «الأمين» فى تصريحات صحفية أن ظروف السودان كانت مواتية لزيادة هذه المجموعات الإرهابية وتيرة نشاطها وتوسيع دائرة أعمالها؛ لأن المنظمات الإرهابية تعمل في المناخات الملغومة والبيئات المتأزمة، لأن الاستقرار السياسي واستتباب الأمن وهدوء الأحوال يصعب معه نشاط أي أعمال معادية أو نشاط تخريبي أو أفعال تهدد الأمن القومي.