المحكمة الإسبانية: بصمات النظام الإيراني في محاولة اغتيال أليخو فيدال كوادراس

المحكمة الإسبانية: بصمات النظام الإيراني في محاولة اغتيال أليخو فيدال كوادراس

مهدي عقبائي

في يوليو 2025، أصدرت المحكمة الوطنية الإسبانية لائحة اتهام بحق ثمانية أفراد بتهمة الشروع في اغتيال أليخو فيدال كوادراس، النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي

المحكمة الإسبانية: بصمات النظام الإيراني في محاولة اغتيال أليخو فيدال كوادراس

الخلیج بوست

في يوليو 2025، أصدرت المحكمة الوطنية الإسبانية لائحة اتهام بحق ثمانية أفراد بتهمة الشروع في اغتيال أليخو فيدال كوادراس، النائب السابق لرئيس البرلمان الأوروبي. وبينما تتكشف أبعاد هذه القضية، من الضروري التذكير بما قاله السيد فيدال كوادراس نفسه في مؤتمره الصحفي بتاريخ 23 فبراير 2024: “كان هدفهم من اغتيالي هو التخلص من عدو مزعج للغاية، وكذلك ترهيب مئات السياسيين الذين يدعمون المقاومة الإيرانية”. والمثير للدهشة أن المحكمة الوطنية الإسبانية توصلت إلى النتيجة ذاتها.

“انتقام سياسي” وتحذير لإسبانيا والاتحاد الأوروبي

وفقًا لتقرير القاضي سانتياغو بيدراث، كان الدافع وراء الهجوم هو “الانتقام السياسي” من فيدال كوادراس بسبب دعمه للمقاومة الإيرانية، بالإضافة إلى توجيه تحذير للحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي لوقف هذا الدعم. ويخلص القاضي بيدراث في قراره التحقيقي إلى أن المنفذين: “تلقوا هذا التكليف كانتقام لنشاطات السياسية لصالح المقاومة الإيرانية، وكذلك لتحذير الحكومة الإسبانية والاتحاد الأوروبي من أنه لا ينبغي لهما توفير الملاذ لحركات هذه المقاومة التي يصفها النظام الإيراني بالإرهابية” (إل باييس، 9 يوليو 2025).

وقع الهجوم في 9 نوفمبر 2023 في حي سالامانكا بمدريد، أثناء عودة فيدال كوادراس من نزهته اليومية، حيث أُصيب برصاصة في خده الأيمن. وقد تم اتهام المنفذ المباشر، مهرز عياري، وهو مواطن فرنسي من أصل تونسي، بينما لعب شركاؤه أدوارًا في تنسيق ودعم العملية.

ومؤكدةً على الطبيعة المنظمة للعملية، اتهمت المحكمة الوطنية الإسبانية المتهمين بالانتماء إلى منظمة إجرامية والشروع في القتل الإرهابي. وكتب القاضي بيدراث: “تصرف المتهمون بشكل منسق وبأدوار مختلفة. لقد خططوا للهجوم، وراقبوا الضحية، وجهزوا الوسائل اللازمة لتنفيذ الهجوم والهروب، ووفروا البنية التحتية اللازمة قبل وبعد (الجريمة)” (المصدر نفسه).

وجود “الخيط الإيراني” في القضية

من أبرز النقاط في تقرير التحقيق الإشارة إلى احتمال وجود منسق العملية، سامي بيكل بونوآر الملقب بـ “باتشو”، في إيران. هذا الشخص هارب حاليًا ويُشتبه في ارتباطه المباشر بالجهة التي أمرت بالهجوم. علاوة على ذلك، بعد دراسة سيناريوهات مختلفة، برز “الخيط الإيراني” باعتباره الاحتمال الرئيسي في التحليلات القضائية. ويؤكد القاضي بيدراث هذه الفرضية قائلاً: “محاولة إنهاء حياة فيدال كوادراس مرتبطة بكونه شخصية أوروبية بارزة معارضة للنظام الإيراني”.

إن ارتباط الفاشية الدينية بهذه القضية ليس مجرد استنتاج، بل إن وكالات استخبارات دول أخرى حذرت خلال السنوات الأخيرة من هذا النوع من الأنشطة الخارجية. ووفقًا لرويترز، اشتبهت وكالة المخابرات الهولندية في أن طهران [السلطة الدينية] تحاول اغتيال اثنين من منتقديها في أوروبا، وبحثت في الارتباط المحتمل بين قضية فيدال كوادراس وشبكة الإرهاب هذه (رويترز، 9 يوليو 2025). وتتهم المحكمة الإسبانية الفاشية الدينية صراحةً بالتورط في “عمليات سرية لملاحقة وترهيب وحتى قتل المعارضين والنقاد والأصوات المنتقدة خارج حدودها” (إل باييس).

الاغتيالات الخارجية: انعكاس لنمط القمع الداخلي

هذا النوع من الاغتيالات المستهدفة ليس له تاريخ طويل في طبيعة وأساليب النظام الإرهابية فحسب، بل هو جزء من نمط منظم للقمع على الساحة الدولية. وقد نُشرت تقارير عديدة عن محاولات اغتيال معارضين إيرانيين في أوروبا، بما في ذلك في هولندا وتركيا وفرنسا وحتى الولايات المتحدة.

وكان فيدال كوادراس من أشد المدافعين عن حقوق الإنسان في إيران ومن أبرز داعمي منظمة مجاهدي خلق والمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية. وقد أدرجته دكتاتورية الملالي الإرهابية على قائمتها للعقوبات في عام 2022. وعقب صدور بيان المحكمة، قال أليخو فيدال كوادراس لوكالة رويترز: “أنا سعيد جدًا لأن القاضي أصدر هذا البيان، لأنه يعكس حقيقة القضية. نأمل أن تتخذ الحكومة الآن إجراءً”.

الأبعاد والتداعيات السياسية على الفاشية الدينية

من منظور القانون الدولي، تحمل هذه القضية أبعادًا تتجاوز مجرد عمل إجرامي عادي. إذا ثبت أن الهجوم تم بتوجيه أو دعم من الفاشية الدينية، فإن ذلك يُعتبر انتهاكًا صريحًا للسيادة الوطنية الإسبانية وتهديدًا لأمن أوروبا. في مثل هذه الظروف، سيواجه الاتحاد الأوروبي تحديًا خطيرًا في كيفية التعامل مع إرهاب الدولة العابر للحدود.

إن طرح هذه القضية على المستويات القضائية الرسمية يمكن أن يؤدي إلى ضغوط إضافية على إرهاب الملالي المنفلت. قضية محاولة اغتيال أليخو فيدال كوادراس ليست مجرد جريمة ضد فرد، بل هي تحذير بشأن التهديدات الممنهجة التي يفرضها النظام الإيراني ضد حرية التعبير والمعارضة والنشاط السياسي المشروع على الأراضي الأوروبية. يمكن للقرار النهائي للمحكمة أن يمهد الطريق لمراجعات جوهرية في طريقة تعامل الاتحاد الأوروبي مع نظام يسعى الآن، خوفًا من سقوطه الحتمي، إلى اغتيال أعضاء المقاومة وداعميهم الدوليين ليس فقط داخل حدوده، بل في قلب أوروبا.