وفاة سجينة سياسية بعد أسبوع من الغيبوبة

ضحية جديدة لسياسة "التعذيب الصامت"

الخليج بوست

 

سمية رشيدي، السجينة السياسية البالغة من العمر 42 عاماً، فارقت الحياة صباح اليوم (25 سبتمبر 2025) إثر الإهمال الطبي، وبعد أن قضت عشرة أيام في غيبوبة بمستشفى مفتح في ورامين. هذه الناشطة المدنية، التي كانت تعاني لسنوات من مرض الصرع المزمن، هي الضحية الأخيرة لسياسة "الإهمال الطبي المتعمد" المشؤومة في السجون الإيرانية؛ وهي سياسة اعتبر فيها مسؤولو عيادة سجن قرجك ورامين حالتها الحرجة "تمارضاً"، وتأخروا في نقلها إلى المستشفى حتى وصل مستوى وعيها إلى "5"، ولم يعد هناك أمل في تعافيها.

بعد ساعات من انتشار خبر الوفاة، سارعت السلطة القضائية للنظام بإصدار بيان متسرع أكدت فيه رسمياً وفاتها، لكن تفاصيل هذه الوفاة المفجعة توجه أصابع الاتهام مرة أخرى نحو النظام القضائي والطبي داخل السجون.

 

تهمة "التمارض": تأخير مميت في العيادة السجنية

تم تجاهل التاريخ المرضي للسيدة رشيدي، الذي يتضمن نوبات تشنج حادة، بشكل ممنهج من قبل مسؤولي السجن. وتؤكد مصادر مطلعة وزميلاتها في الزنزانة أن حالتها المتدهورة تكررت مرات عديدة أمام أعين المسؤولين:

"سُمية سقطت وتشنجت مراراً أمام زميلاتها. قال طبيب السجن: إنكِ تتماوتين. عندما ساءت حالتها بشكل حرج، تم نقلها للتو. وفي اليوم نفسه، قال أطباء المستشفى إنه لا أمل في عودتها."

في 15 سبتمبر، نُقلت السيدة رشيدي إلى العيادة بأعراض غثيان وتشنجات، ثم أُرسلت إلى المستشفى بتأخير، بينما كانت حدة التشنجات قد وضعت حياتها في خطر لا يمكن التنبؤ به. إن هذا الإهمال المتعمد والتأخير في النقل يُعد بوضوح مثالاً على التعذيب الأبيض وخرقاً فاضحاً لقواعد نيلسون مانديلا (المتعلقة بالمعايير الدنيا لمعاملة السجناء).

 

سوابق الاعتقال والنفي: مواجهة المقاومة

وُلدت سمية رشيدي عام 1983 وكانت تقيم في طهران. وتُظهر سوابق اعتقالها مواجهة النظام للمقاومة المُنظمة:

تاريخ الاعتقال: اعتُقلت في عامي 2022 و 2023 بتهمة الارتباط بمنظمة مجاهدي خلق، ولكن بعد إطلاق سراحها المشروط، اعتُقلت مجدداً في أبريل 2025 بتهمة التعاون مع المجاهدين و"تلقي مهام تخريبية".

الاعتقال الأخير: جاء اعتقالها الأخير بتاريخ 24 أبريل 2025 بسبب كتابة الشعارات الاحتجاجية في حي جوادية بطهران.

النفي إلى قرجك: بعد الهجوم الصاروخي الإسرائيلي على سجن إيفين، نُفيت هي ومجموعة من السجينات إلى سجن قرجك ورامين سيئ السمعة؛ وهو سجن يُعرف بأنه أحد أسوأ سجون النساء بسبب انعدام المرافق الصحية ونقص الأدوية واكتظاظ النزلاء.

ومع أن الجهاز القضائي ادعى أن رشيدي خضعت للفحص أثناء اعتقالها "8 مرات من قبل طبيب عام و 6 مرات من قبل أخصائي أعصاب ونفسية وباطنية"، فإن نتيجة هذه "العناية" لم تكن سوى وفاة هذه السجينة السياسية.

 

الخاتمة: القتل العمد الحكومي وصدى الاحتجاج من نيويورك

إن وفاة سمية رشيدي ليست مجرد مأساة شخصية، بل هي دليل آخر على القتل الصامت للسجناء السياسيين والعقائديين في إيران؛ في ظل ظروف تُنتهك فيها بوعي "سيادة الشعب" و "الحقوق الأساسية للسجناء".

تُعد هذه الفاجعة صدى صوت الاحتجاج الكبير للإيرانيين في نيويورك؛ حيث نظّم أنصار المقاومة الإيرانية، في يومي 23 و 24 سبتمبر، مظاهرة حاشدة أمام مقر الأمم المتحدة ضد حضور رئيس النظام. وكان أحد المطالب الرئيسية للمتظاهرين هو إدانة النظام بسبب سوء معاملة السجناء السياسيين وتزايد الإعدامات.

إن وفاة السيدة سمية رشيدي وإهمالها الطبي هما بحد ذاتهما أحد مصاديق القتل العمد برعاية حكومية وعدم احترام حقوق السجناء السياسيين من قبل النظام الإيراني. هذا الموت يوجب على الضمير العالمي ألا يصمت أمام هذه الأساليب التي تعود إلى القرون الوسطى، والتي تؤدي إلى الموت بالتعذيب البطيء للسجناء نتيجة للإهمال الطبي، ويتطلب اتخاذ إجراء فوري لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

مقالات الكاتب