بمناسبة اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام

دعوة المقاومة الإيرانية لوقف آلة القتل وإنهاء أحكام الإعدام في إيران

الخليج بوست

تصعيد الإعدامات في إيران: أزمة إنسانية وانتهاك للحقوق

اليوم العاشر من أكتوبر، اليوم العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام، الذي أسَّسه التحالف العالمي لمناهضة عقوبة الإعدام في عام 2003، في ذكراه الثانية والعشرين هذا العام، أصبح أكثر من أي وقت مضى رمزاً للوحدة العالمية في الدفاع عن حق الحياة. هذا اليوم، الذي تحتفل به منظمات حقوق الإنسان والمنظمات غير الحكومية ومواطنو العالم بأسره، يذكّر بأن عقوبة الإعدام ليست مجرد انتهاك صارخ للعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، بل هي أداة للقمع والترهيب. في إيران، تحت حكم النظام الديني الاستبدادي، لا يُقابل هذا اليوم بالتأمل والتناغم مع حقوق الإنسان، بل بموجة من الإعدامات الوحشية. النظام، الذي يدّعي أنه "مدافع العدالة الإلهية"، يستخدم في الواقع حبل الإعدام كسلاح للحفاظ على سلطته الاستبدادية. منذ تولي مسعود بزشكيان السلطة في أغسطس 2024، أعدم هذا النظام 1892 شخصاً بما في ذلك 61 امرأة و 7 مجرمين قاصرين على الأقل – وهذا الرقم المروع يدل على تسارع الأزمة الإنسانية.

يشهد الارتفاع في الإعدامات في إيران، خاصة منذ بداية عام 2025، مستوى غير مسبوق، مما يجعل النظام حائزاً على الرقم القياسي في الإعدامات عالمياً. وفقاً لتقارير منظمة العفو الدولية، تم تسجيل ما لا يقل عن 1200 إعدام في الأشهر التسعة الأولى من عام 2025، بينما بلغ إجمالي الإعدامات في عام 2024 نحو 1001 حالة. هذا الارتفاع الملحوظ ليس مصادفة، بل جزء من استراتيجية النظام لمواجهة أزمة الشرعية والخوف من الإطاحة به. في شهر سبتمبر 2025 وحده، تم تنفيذ 200 إعداموهي أعلى حصيلة شهرية في 36 عاماً – وغالباً ما تمت في السجون المرعبة مثل قزل حصار وشيراز وأصفهان وإيفين، تزامناً مع حضور مسؤولي النظام في المحافل الدولية. هذه الإعدامات، التي تستند إلى محاكمات غير عادلة واعترافات تحت التعذيب، لا تستهدف السجناء العاديين فحسب، بل الأقليات العرقية (مثل الأكراد والبلوش والعرب الأهوازيين) والمعارضين السياسيين كذلك. النظام، الذي دعت وسائل إعلامه الرسمية في يوليو 2025 إلى تكرار "التجربة الناجحة" لمذبحة 1988، أعدم فوراً عضوين في منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. هذا الإجراء جزء من القمع المنهجي ضد الدعوة الرئيسية للمعارضة، أي المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية ومنظمة مجاهدي خلق الإيرانية، التي تمثل رمزاً للمقاومة السياسية والعسكرية ضد ولاية الفقيه.

 

دعوة المقاومة الإيرانية في مدن العالم المختلفة لوقف الإعدامات في إيران

ما يجعل هذه الجرائم أكثر إدانة هو الخطر الوشيك لإعدام 17 سجيناً سياسياً مرتبطاً بمنظمة مجاهدي خلق الإيرانية. هؤلاء السجناء، الذين حُكم عليهم بتهم ملفقة "التعاون مع العدو"، قد يواجهون حبل الإعدام في أي لحظة. أشارت منظمة العفو الدولية في تقاريرها الأخيرة إلى هذه الأحكام المفجعة، ووصفتها بأنها "هجوم مرعب على حق الحياة" بهروز أحساني ومهدي حسني، اللذان أُعدِما سراً في الأشهر الأخيرة، و محمدجواد وفائي ثاني وبجمان توبره‌ريزي، اللذان يواجهان تنفيذ الحكم قريباً، يمثلان رموزاً لهذا القمع. كما سمية رشيدي إحدى السجينات السياسيات الأخريات – توفيت بسبب الإهمال الطبي المتعمد في تقديم الرعاية الطبية. النظام، الذي يخشى شرعية وشعبية منظمة مجاهدي خلق وقاعدتها الاجتماعية، يستخدم الإعدام كأداة لقطع جذور المقاومة. وصفت مريم رجوي، الرئيسة المنتخبة للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية، هذه الإعدامات بأنها "جريمة ضد الإنسانية"، وأكدت في خطتها العشرية المادية لإيران الحرة على إلغاء عقوبة الإعدام بالكامل واستبدال حكم القانون بالإرهاب.

أمام هذه الآلة القاتلة، تُلهم مقاومة الإيرانيين داخل البلاد وخارجها. في سجون إيران، أطلق السجناء السياسيون حملة "أيام الثلاثاء ضد الإعدام" حركة وصلت الآن إلى الأسبوع 89، حيث يرفع النشطاء وعائلات الضحايا صوتهم كل ثلاثاء من خلال الإضراب عن الطعام والاحتجاج ضد عمليات الشنق. هذه الحملة، التي ولدت من داخل سجون النظام، تشير إلى رفض قاطع لآلة الموت من قبل الشعب. على الصعيد العالمي، نظّم مؤيدو المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية تجمعات ومسيرات في 12 مدينة حول العالم تحت عنوان "وقف الإعدامات في إيران"  هذه الإجراءات، التي تجري بالتزامن مع اليوم العالمي ضد الإعدام، تركز على تصعيد الإعدامات – غير المسبوق في 36 عاماً – والقمع ضد السجناء السياسيين، خاصة مؤيدي منظمة مجاهدي خلق الإيرانية. أكد المؤتمر الأخير لمجلس حقوق الإنسان في جنيف، بحضور مدافعي حقوق الإنسان ومؤيدي المقاومة الإيرانية ومراقبي الأمم المتحدة، على ضرورة المساءلة الدولية. كما طالبت المسيرة أمام مكتب الأمم المتحدة في جنيف، بشعاراتها العدالية بالتضامن العالمي. هذه الدعوات، التي تدعمها منظمة العفو الدولية والتحالف العالمي ضد الإعدام، تصر على ضرورة وقف الإعدامات فوراً والضغط الدبلوماسي على النظام.

من منظور تحليلي، يعاني النظام الإيراني من أزمة عميقة في الشرعية. الارتفاع في الإعدامات ليس دليلاً على القوة، بل اعترافاً بالضعف. فالنظام الذي وصل إلى السلطة بوعود إصلاحية من بزشكيان، أصبح الآن، بصمته تجاه هذه المجازر، في حرب مع الشعب. هذه الإجراءات، التي تزامنت مع الانتفاضات الشاملة لاحتجاجات نوفمبر 2019، جزء من محاولة لخنق صوت المتظاهرين. لكن التاريخ يظهر أن القمع يزرع بذور الثورة. يجب على المجتمع الدولي، من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة، فرض عقوبات مستهدفة على المسؤولين عن الإعدامات وسحب النظام إلى طاولة العدالة.

اليوم العالمي ضد الإعدام هو دعوة للعمل الفوري. يجب على النظام الإيراني وقف تنفيذ أحكام الإعدام فوراً والالتزام بالتزاماته الدولية. أثبت الإيرانيون، بمقاومتهم في السجون والشوارع، أن روح الحرية لا يمكن إخمادها. يجب على العالم أن يقول "لا للإعدام – لا للنظام القاتل!" هذا ليس عدالة للضحايا فحسب، بل خطوة نحو عالم خالٍ من الإرهاب.

*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني

مقالات الكاتب