العالم يتابع بحذر نتائج انتخابات الرئاسة الأميركية

واشنطن

استيقظ العالم، أمس، متوقّعاً رئيساً أميركياً جديداً، لكنّه فوجئ بعملية انتخابية «بطيئة» قد لا تُنتج فائزاً واضحاً قبل أيام أو ربما أكثر.

وفي ظل غياب فائز فوري بين الرئيس دونالد ترمب وخصمه الديمقراطي جو بايدن، سرعان ما تحولت لعبة التخمين - المتمثلة في محاولة معرفة أيهما سينتهي به المطاف في البيت الأبيض - إلى لعبة عالمية، كما أوضح تقرير لوكالة «أسوشييتد برس». ففيما أدلى مسؤولون حكوميون حول العالم بمواقف حذرة وشديدة الدبلوماسية، تبادل مواطنون من مختلف أنحاء العالم الآمال والمخاوف من خلال الرسائل والمكالمات الهاتفية.

في هذه السياق، صُدم المواطن الإسباني خافيير ساينز بالاستيقاظ دون إعلان فائز، وكانت أول كلماته: «اعتقدت أنه سيكون هناك شيء واضح. وقد قرأت مقالات مختلفة، ولا أحد يعرف حقاً من سيفوز. لقد صدمت جداً من ذلك».

في المقابل، لم يشكل غياب النتيجة مفاجئة للخبراء، الذين لم يقرأوا في التأخير مؤشراً على وجود خطأ ما. ففي عام انقلب رأساً على عقب جراء جائحة (كورونا)، سهلت العديد من الولايات التصويت عبر البريد. وهذا يعني حدوث تباطؤ في فرز النتائج، لأن معالجة بطاقات الاقتراع البريدية غالباً ما تستغرق وقتاً أطول من تلك التي يجري الإدلاء بها في أماكن الاقتراع.

ومع ذلك، كان عدم الارتياح من عدم المعرفة يختلط بالمخاوف الحادة بشأن سبل توحيد أميركا بعد الانتخابات التي تسببت في انقسام شديد.

وجاءت المناشدات الدولية، ومن أوروبا خاصة، بالصبر حتى الانتهاء من فرز جميع الأصوات. وفي سلوفينيا، مسقط رأس السيدة الأميركية الأولى ميلانيا ترمب، ادّعى رئيس الوزراء اليميني جانيز يانشا، أنه «من الواضح أن الشعب الأميركي انتخب دونالد ترمب ومايك بنس لأربع سنوات أخرى... تهانينا للحزب الجمهوري على النتائج القوية على مستوى الولايات المتحدة». ويانشا واحد من عدة زعماء في شرق أوروبا، بينهم رئيس وزراء المجر فيكتور أوروبان، من الحلفاء المتحمسين لترمب، لكنه كان صوتاً وحيداً بين القادة في القفز قبل غيره واستباق إعلان النتيجة.

واكتفى معظم القادة ووزراء الخارجية في بلدان العالم بمراقبة التطورات في محاولة لعدم صب المزيد من الزيت على نار الانتخابات. وقال وزير الخارجية البريطاني دومينيك راب: «دعونا ننتظر ونرَ ما النتيجة... من الواضح أن هناك قدراً كبيراً من الغموض. السباق متقارب أكثر مما توقع كثيرون»، كما نقلت «وكالة رويترز».

بدوره، أصر نائب المستشار الألماني، أولاف شولتز، على معرفة الحصيلة كاملة، قائلاً: «من المهم بالنسبة لنا أن يتم احتساب كل شيء وفي النهاية نحصل على نتيجة واضحة». فيما حذرت مجموعة الضغط الرئيسية في الصناعة في ألمانيا، أكبر اقتصاد أوروبي، من أن ثقة الأعمال قد تتضرر بسبب عدم اليقين المستمر. وقالت وزيرة الدفاع الألمانية، أنغريت كرامب - كارينباور، إن «المعركة على شرعية النتيجة، أياً كانت، قد بدأت الآن».

وتابعت متحدّثة لتلفزيون «زد دي إف»: «إنه وضع يؤكد فيه الخبراء أنه قد يؤدي إلى أزمة دستورية في الولايات المتحدة، وهذا شيء يقلقنا بالتأكيد».

وفي روسيا، التي اتهمتها أجهزة المخابرات الأميركية بمحاولة التدخل في انتخابات 2016، لم يكن هناك رد فعل رسمي. لكن النائب المؤيد لـ«الكرملين»، فياتشيسلاف نيكونوف، نصح الروس بشراء «كميات كبيرة من الفشار لمشاهدة العرض الذي ستتكشف ملامحه»، قائلاً إن المجتمع الأميركي تمزقه الانقسامات.

وكتب نيكونوف، الذي رحب بفوز ترمب عام 2016، على «فيسبوك»: «نتيجة الانتخابات هي أسوأ نتيجة لأميركا... بغض النظر عمن يربح المعارك القانونية، لن يعتبره نصف الأميركيين الرئيس الشرعي. دعونا نخزن كميات كبيرة من الفشار».

ومن أفريقيا، قال السيناتور النيجيري شيهو ساني على «تويتر»: «لقد اعتادت أفريقيا على تعلم الديمقراطية الأميركية. الآن، أميركا تتعلم الديمقراطية الأفريقية»، مما يعكس وجهة نظر مشتركة من البعض في القارة التي طالما شهدت انتخابات مضطربة، وقابلتها الولايات المتحدة بانتقادات، كما ذكرت وكالة «أسوشييتد برس». وفي زيمبابوي، قال المتحدث باسم حزب «زانو بي» الحاكم، باتريك تشيناماسا: «ليس لدينا ما نتعلمه عن الديمقراطية من مالكي العبيد السابقين».

في الأسواق المالية، كافح المستثمرون لقراءة النتائج الأولية، مما أدى إلى ارتفاع بعض المؤشرات وتراجع أخرى.

بينما تشبث حلفاء الولايات المتحدة التقليديون بالاعتقاد أنه بغض النظر عما إذا كان ترمب أو بايدن قد فاز بالرئاسة، فإن الأساسيات التي دعمت منذ فترة طويلة بعض العلاقات الرئيسية لأميركا ستنجو من حالة عدم اليقين ومن العملية الانتخابية الأميركية.

وقال تييري بريتون، مفوض الاتحاد الأوروبي للسوق الداخلية: «أيا كانت نتيجة الانتخابات، فمن المؤكد أنهم سيبقون حلفاء لنا لسنوات وعقود عديدة». هذه الفكرة رددها رئيس الوزراء الياباني، يوشيهيدي سوجا، الذي قال أمام جلسة برلمانية إن «التحالف الياباني - الأميركي هو أساس الدبلوماسية اليابانية، وعلى هذا الأساس سأقوم بأسيس علاقة قوية مع الرئيس الجديد». بينما صرّح وزير المالية الياباني، تارو آسو: «أسمع أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت قبل التسوية النهائية. ليس لدي أي فكرة عن كيفية تأثير ذلك علينا».