جرف الإبادة الجماعية: حرب طهران اليائسة على الموتى تكشف خوفها من العدالة
جرف الإبادة الجماعية: حرب طهران اليائسة على الموتى تكشف خوفها من العدالة

في عمل إجرامي سافر للتستر على جرائمه، أرسل النظام الإيراني آليات ثقيلة إلى مقبرة بهشت زهرا في طهران لمحو فصل مؤلم من تاريخه الدموي. منذ 11 أغسطس 2025، تعمل الجرافات على تسوية “القطعة 41” بالكامل

جرف الإبادة الجماعية: حرب طهران اليائسة على الموتى تكشف خوفها من العدالة
جرف الإبادة الجماعية: حرب طهران اليائسة على الموتى تكشف خوفها من العدالة
في عمل إجرامي سافر للتستر على جرائمه، أرسل النظام الإيراني آليات ثقيلة إلى مقبرة بهشت زهرا في طهران لمحو فصل مؤلم من تاريخه الدموي. منذ 11 أغسطس 2025، تعمل الجرافات على تسوية “القطعة 41” بالكامل، وهي المثوى الأخير لآلاف من أعضاء منظمة مجاهدي خلق الإيرانية الذين أُعدموا بشكل ممنهج في عام 1981. هذا ليس مشروع تطوير حضري، بل هو عمل محموم لنظام إجرامي يرتعب من ماضيه ويسعى يائسًا لتدمير أدلة جرائمه ضد الإنسانية قبل يوم الحساب الذي لا مفر منه.
لم يُخفِ النظام نواياه. ففي اعتراف وقح في 19 أغسطس، صرح نائب عمدة طهران، داود كودرزي: “القطعة 41 كانت متروكة هناك، وكنا بحاجة إلى موقف للسيارات، لذلك حصلنا على إذن من المسؤولين وحولناها إلى موقف للسيارات”. هذا الاعتراف لا يؤكد فقط الطبيعة المتعمدة للتدمير، بل يورط أعلى مستويات الدولة. ففي قاموس النظام، يشير مصطلح “المسؤولون” بوضوح إلى الولي الفقيه علي خامنئي أو المقربين منه، مما يثبت أن هذه الجريمة صدرت بأوامر عليا.
استجابة مذعورة لخناق القانون الدولي الذي يضيق
توقيت هذا الهدم ليس من قبيل الصدفة، بل هو استجابة مباشرة ومذعورة للضغوط القانونية الدولية المتزايدة. في تقرير تاريخي صدر في يوليو 2024، صنف البروفيسور جاويد رحمن، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان في إيران آنذاك، رسميًا الإعدامات الجماعية في الثمانينات على أنها تشكل “جرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية”.
والأهم من ذلك، حث التقرير الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على تفعيل الولاية القضائية العالمية للتحقيق مع الأفراد المسؤولين عن هذه الفظائع ومقاضاتهم، مشيرًا إلى أن العديد ممن أمروا ونفذوا المجازر لا يزالون في السلطة اليوم. ومع تضييق خناق القانون الدولي، يحاول النظام يائسًا تدمير مسرح الجريمة. وكما أكدت المقاومة الإيرانية مرارًا، فإن طمس أدلة الإبادة الجماعية، بموجب القانون الدولي، هو استمرار لتلك الجريمة والمشاركة فيها.
حرب على الذاكرة منذ أربعة عقود
العملية الحالية في بهشت زهرا ليست سوى المرحلة الأخيرة واليائسة من حملة ممنهجة على مستوى البلاد لمحو الأدلة المادية لمجازر النظام. هذه الحرب على الذاكرة مستمرة منذ عقود في جميع أنحاء إيران.
ففي بهشت زهرا نفسها، لم تكن هذه هي التدنيس الأول. بين يونيو 2005 ويوليو 2007، قام النظام بتسوية منطقة تتسع لما بين 1700 و1800 قبر في نفس القطعة وتحويلها إلى موقف للسيارات، وهذه سابقة تاريخية تدحض حجة نائب العمدة الأخيرة.
نمط التدمير لا يمكن إنكاره:
- في تبريز، في يونيو 2017، خرّب النظام قبور شهداء منظمة مجاهدي خلق في مقبرة وادي الرحمة بتغطيتها بطبقة من الأسمنت بسماكة 10 سنتيمترات. ولإخفاء الجريمة، وضعوا لافتة كتب عليها: “تسوية قسم الأطفال”.
- في الأهواز، دمرت السلطات مرارًا قبور ضحايا مجزرة عام 1988 بحجة التطوير الحضري. في عام 2017، تم الكشف عن علامات مقبرة جماعية أثناء بناء طريق وسرعان ما تم التستر عليها. وفي أواخر يوليو 2018، هدم النظام قبور الشهداء وغطاها بالأسمنت لبناء شارع.
- في خاوران، في أبريل 2021، حاول النظام تدمير المقابر الجماعية لضحايا مجزرة عام 1988 بإجبار الطائفة البهائية على دفن موتاهم فوق رفات الشهداء، وهو تكتيك قاسٍ يهدف إلى إزالة أدلة جريمة بارتكاب جريمة أخرى.
نظام يائس يحفر قبره بيده
يعتقد الملالي أنهم بتدمير الحجارة يمكنهم تدمير الإرث. إنهم مخطئون تمامًا. إن هذا العمل التدنيسي هو اعتراف يبثه النظام إلى العالم، ويكشف عن نظام ضعيف وهش لدرجة أنه يرتعب من ذكرى ضحاياه. إنه يخشى أن تكون هذه القبور ليست مجرد علامات على جرائم الماضي، بل منارات تشير إلى عدالة المستقبل.
يجب على المجتمع الدولي ألا يقف مكتوف الأيدي بينما يتم جرف أدلة الإبادة الجماعية. تدعو المقاومة الإيرانية الأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، وجميع الهيئات الدولية ذات الصلة إلى إدانة هذا العمل اللاإنساني واتخاذ إجراءات عاجلة لوقف التدمير. يجب محاسبة مرتكبي ومنظمي هذه الجرائم، من مجازر الثمانينات إلى عمليات التستر اليوم، على عقود من الجرائم ضد الإنسانية.