واشنطن بوست: انفجار بندر عباس يُعادل تفجير ٥٠ طناً من مادة «تي إن تي»

واشنطن بوست: انفجار بندر عباس يُعادل تفجير ٥٠ طناً من مادة «تي إن تي»

موسى أفشار

في تقرير تحليلي موسّع، كشفت صحيفة واشنطن بوست، استناداً إلى تحليل أكثر من 90 مقطع فيديو ومقابلات مع خبراء وشهود، عن تفاصيل الانفجار الهائل الذي وقع في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس جنوب إيران

واشنطن بوست: انفجار بندر عباس يُعادل تفجير ٥٠ طناً من مادة «تي إن تي»

الخلیج بوست

في تقرير تحليلي موسّع، كشفت صحيفة واشنطن بوست، استناداً إلى تحليل أكثر من 90 مقطع فيديو ومقابلات مع خبراء وشهود، عن تفاصيل الانفجار الهائل الذي وقع في ميناء رجائي بمدينة بندر عباس جنوب إيران. وخلص التقرير إلى أن الكارثة نجمت عن اشتعال مواد كيميائية تُستخدم بشكل أساسي في إنتاج وقود الصواريخ، ما أدى إلى انفجار يُقدّر بمفعول ما لا يقل عن ٥٠ طناً من مادة تي إن تي.

تفاصيل اللحظات الأولى للكارثة

تُظهر لقطات كاميرات المراقبة التي سُرّبت لاحقاً على وسائل التواصل الاجتماعي، اندلاع الحريق في تمام الساعة 12:04 ظهراً يوم السبت 27 أبريل، داخل حاوية بعد دخول رافعة شوكية إليها. في غضون ثوانٍ، بدأ تصاعد لهب ودخان كثيف، لتقع بعدها سلسلة من الانفجارات القوية خلال أقل من دقيقتين.

شهادات الخبراء: مؤشرات على وجود بركلورات

قال اللواء البريطاني المتقاعد والمتخصص في المتفجرات، غاريت كالت، إن المشاهد تدل على وجود مادة مؤكسدة قوية داخل الحاوية، وهي مواد شديدة التفاعل تُستخدم في الذخائر ووقود الصواريخ. وأشار إلى أن حجم الانفجار وألوان الدخان تدل على احتراق محتمل لمادة «بركلورات الصوديوم» أو «بركلورات الأمونيوم».

ومن جهته، قال الخبير الدفاعي جورج هربرت من معهد مونتيري للدراسات الدولية، إن توهج ألسنة اللهب وتغير لونها من الأبيض إلى الأصفر، بالإضافة إلى تصاعد الدخان الأحمر، يشير بوضوح إلى احتراق مواد مستخدمة في برامج صاروخية.

علاقات تجارية وتحذيرات مسبقة

كانت صحيفة فايننشال تايمز قد كشفت في يناير الماضي أن شحنتين من بركلورات الصوديوم تم استيرادهما من الصين إلى إيران، في محاولة من النظام لتجديد مخزونه الصاروخي بعد الضربات التي تلقاها في الشرق الأوسط.

بدورها، أفادت شركة الأمن البحري البريطانية Ambrey أن الحادث ناجم عن سوء تخزين شحنة من وقود الصواريخ الصلب، وأن الهدف منها كان استخدامها في برنامج الصواريخ الباليستية الإيراني.

خسائر فادحة وآثار مدمّرة

تُظهر صور الأقمار الصناعية التي التُقطت بعد انقشاع الدخان وجود فُوّهتين في موقع الحادث بقطر 32 و25 متراً، ما يدل على انفجار متتالٍ لحاويتين على الأقل. ووفقًا لتقديرات الخبير كالت، فإن قوة الانفجار تعادل ما بين 40 إلى 50 طناً من مادة تي إن تي.

تلاعب النظام ومحاولة التغطية

في محاولة لتقليل وقع الكارثة، صرّح عضو لجنة الصحة في برلمان النظام، محمد جماليان، أن ما جرى كان نتيجة “إهمال إداري” من قبل شركة خاصة، مدعياً أن المواد الكيميائية تم الإعلان عنها بشكل خاطئ كمركبات غير خطيرة.

لكن ما كشفه الإعلام الدولي، سواء نيويورك تايمز أو يورو نيوز أو واشنطن بوست، يوضح أن الحقيقة تتعلق باستخدام الموانئ المدنية لأغراض عسكرية، وتخزين مواد شديدة الانفجار في مناطق مأهولة بالسكان.

مخاطر مستمرة وغياب المساءلة

هذه الفاجعة لا تكشف فقط عن حجم الإهمال والتقصير، بل أيضاً عن استخدام البنية التحتية المدنية لأغراض عسكرية، وغياب أي رقابة أو مساءلة شفافة داخل النظام الإيراني. إنها جريمة تتكرر، ويُخشى أن تكون مقدمة لكوارث قادمة ما دامت الحقيقة مغيبة، والمساءلة غائبة، والمواد المتفجرة تُخزن في أحشاء المدن.