التزامات طوعية ومفاوضات شائكة حول الوقود الأحفوري في كوب 28

نقاشات صعبة

دبي

استحوذت مصادر الطاقة على الاهتمام السبت في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ المنعقد في دبي (كوب 28) مع التركيز على الطاقة النووية والطاقات المتجددة، في موازاة مفاوضات شائكة بين نحو 200 دولة حول سبل التخلص من الوقود الأحفوري خلال بضعة عقود.

وتعهدت 118 دولة على الأقل بمضاعفة قدرات الطاقات المتجددة ثلاث مرات بحلول عام 2030 وزيادة كفاءة الطاقة مرتين في الفترة نفسها.

ووعدت هذه الدول “بالعمل معًا” من أجل زيادة القدرات العالمية للطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية إلى 11 ألف غيغاوات بنهاية العقد، على أن تؤخذ في الاعتبار “الفروقات والظروف الوطنية” لمختلف الدول. وتبلغ القدرات الحالية للطاقة المتجددة 3400 غيغاوات على مستوى العالم.

وقالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إن هذا الإعلان الذي يجري الإعداد له منذ أشهر ودعمته دول مجموعة العشرين، هو “رسالة قوية للغاية” إلى الأسواق والمستثمرين.

ومن بين الدول الموقعة الاتحاد الأوروبي ودول مجموعة العشرين وهي مسؤولة عن 80 في المئة من انبعاثات غازات الدفيئة العالمية.

ولم توقع الصين والسعودية وإيران وفنزويلا هذا التعهد بعد. ويبقى السؤال عما إذا كانت سائر دول العالم ستتبنى هذا النداء خلال مؤتمر دبي.

في موازاة ذلك، يعقد الآلاف من المفاوضين من حوالي 200 دولة اجتماعات في العشرات من الغرف التي تغيب عنها الكاميرات وكذلك في مقاهي معرض “إكسبو دبي 2020” حيث ينظم مؤتمر المناخ للمضي قدماً بشأن القضية التي تمثل تحديًا حقيقيًا لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين، ألا وهي النص أو النصوص التي ينبغي اعتمادها بالتوافق بحلول 12 ديسمبر الجاري.

وجرت مناقشة النسخة الأولى من الاتفاق. وسرعان ما برزت، وفق أحد المشاركين، خلافات حول التخلي عن الوقود الأحفوري أو خفض الاعتماد عليه بما يشمل النفط والغاز والفحم.

وقال المصدر “احتفظ الجميع بمواقفهم التقليدية”، إذ دافعت السعودية عن الاستخدام الكثيف لتكنولوجيا التقاط الكربون في حين دافع الاتحاد الأوروبي عن التخلي عن الوقود الأحفوري.

والتزمت السبت خمسون من شركات قطاع النفط والغاز، تمثل 40 في المئة من الإنتاج العالمي، بالتخلص من الكربون في عملياتها الإنتاجية بحلول عام 2050، وهو إعلان رحبت به رئاسة المؤتمر الإماراتية بقيادة سلطان الجابر رئيس شركة أدنوك الوطنية العملاقة.

ولا يشمل التعهد الانبعاثات التي تسببها كميات الغاز والنفط التي تبيعها هذه الشركات. وهو ما انتقدته المنظمات غير الحكومية.

وقال أندرياس سيبر، من المنظمة غير الحكومية .org350، إن هذه المبادرة “تشتت الانتباه عن الحاجة إلى خفض إنتاج واستهلاك الوقود الأحفوري بشكل كبير خلال العقد الذي نحن فيه”.

وانضمت كولومبيا السبت إلى الدول الجزرية الصغيرة التي تتصدر المعركة ضد استخدام الوقود الأحفوري ومن أجل التخلي عنه فصارت بذلك أول دولة قارية تطالب معها بإبرام معاهدة بشأن منع انتشار الوقود الأحفوري.

وبعد ثاني أكسيد الكربون، يعد الميثان ثاني أكبر غازات الدفيئة، فهو يساهم بنسبة 30 في المئة في ظاهرة الاحتباس الحراري.

والميثان غاز طبيعي يتسرب من خطوط أنابيب الغاز وآباره ومناجم الفحم ومواقد الغاز في المنازل والمطاعم.. ولكن أيضًا من أمعاء الأبقار، أو من حقول الأرز حيث يتحلل القش.

وبعد سنوات من عدم اتخاذ إجراءات حقيقية، بدأت الدول والشركات تتبنى خططًا لتقليل هذه الانبعاثات، وغالبًا مع هدف تحقيقها بحلول عام 2030.

قالت رئيسة وزراء بربادوس ميا موتلي التي تحظى بحضور قوي في مؤتمرات الأطراف رغم صغر حجم بلدها السبت “لخفض درجة الحرارة، علينا ببساطة خفض غاز الميثان”.

ومن مستجدات الأسابيع الأخيرة أن الصين والولايات المتحدة بدأتا أخيرًا التعاون في هذا المجال. وأعلنت واشنطن السبت خطتها الوطنية لخفض انبعاثات غاز الميثان.

ويعد خفض انبعاث غاز الميثان من الأمور السهلة نسبيا والتي تعطي نتيجة فورية في مكافحة الاحتباس الحراري العالمي. إذ يكفي بالنسبة إلى الشركات أن تتوقف عن الحرق الروتيني للغاز في مواقع الإنتاج. وهو من الالتزامات الواردة في الميثاق الذي وقعته السبت 50 شركة للنفط والغاز.

وبدأ اليوم الثالث من المؤتمر الذي يستمرّ حتى 12 ديسمبر الجاري، بتوجيه أكثر من 20 دولة دعوة لزيادة مصادر الطاقة النووية في العالم ثلاثة أضعاف بحلول 2050 مقارنة بالعام 2020، ما يُظهر عودة الاهتمام بالطاقة الذرية التي تسمح بتوليد كهرباء خالية من الكربون تقريبًا، لكنّها تُعيد إلى الأذهان كارثة فوكوشيما في اليابان عام 2011.

وقال المبعوث الأميركي للمناخ جون كيري خلال فعالية أُقيمت في المؤتمر حضرها عدد من القادة “ندرك من العلم وحقيقة الوقائع والأدلة أننا لا نستطيع تحقيق الحياد الكربوني بحلول عام 2050 دون الطاقة النووية”.

وقال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون “أريد أن أؤكد مجددا أن الطاقة النووية هي طاقة نظيفة، ينبغي أن نكرّر القول”. وأكد نظيره البولندي أندريه دودا أن “الطاقة النووية هي المستقبل”.

وإلى جانب الولايات المتحدة وكندا، ضمت قائمة الموقعين نحو عشرين دولة بينها الإمارات والدول الأوروبية المؤيدة لاستخدام الطاقة النووية وكوريا الجنوبية وغانا واليابان. وأعلنت الإمارات مؤخرًا بناء أول محطة نووية، في حين قالت اليابان إنها ستعيد تشغيل محطاتها النووية.

إلا أن القائمة خلت من الصين وروسيا أبرز دولتين في قطاع بناء محطات للطاقة النووية في العالم حاليًا.

ويمثل النص دعوة طوعية غير ملزمة هدفها الترويج استباقيا للطاقات البديلة عن الوقود الأحفوري وحيازة حجة في مفاوضات المناخ سعيًا لإنهاء الاعتماد على النفط والفحم والغاز في الاتفاق النهائي لمؤتمر الأطراف.

ويفضل أنصار البيئة التحول إلى عالم خالٍ من الطاقة النووية، مع تسليط الضوء على مشكلة النفايات النووية والسلامة. وإثر صدور الدعوة، ندد ماسايوشي إيودا، من منظمة .org350، باستخدام ما وصفه بأنه طاقة “خطيرة”، قال “لدينا حلول أقل كلفة وأكثر أمانًا كما أنها ديمقراطية وسريعة للاستجابة لأزمة المناخ وهي الطاقات المتجددة وكفاءة استخدام الطاقة”، مع التذكير بأنها كذلك أنظف.