جهود عودة الهدنة تواجه طريق مسدود بين إسرائيل وحماس

من الصعب استعادة الهدنة، وهذا ما بدا بشكل واضح من سحب الوفد الإسرائيلي من قطر. بالمقابل ازداد حجم القصف على مواقع كثيرة بغزة، فيما تقول حماس إنها استهدفت أعدادا من الجنود.

القصف يزيد من معاناة اللاجئين

غزة

كثفت إسرائيل السبت قصفها على قطاع غزة لليوم الثاني على التوالي بعد انتهاء الهدنة مع حماس، فيما قرر رئيس وزرائها بنيامين نتنياهو إعادة فريق جهاز الاستخبارات (الموساد) من قطر بعد بلوغ “طريق مسدود” في المفاوضات مع الحركة.

وقال مكتب نتنياهو في بيان “بعد بلوغ المفاوضات طريقا مسدودا (…) أمر رئيس الموساد ديفيد بارنياع فريقه الموجود في الدوحة بالعودة إلى إسرائيل”.

ورأى أن “منظمة حماس الإرهابية لم تنفّذ التزاماتها بموجب الاتفاق الذي شمل الإفراج عن جميع الأطفال والنساء المختطفين وفقا لقائمة تم تحويلها إلى حماس وتمت المصادقة عليها من قبلها”.

ميدانيا، أكد الجيش الإسرائيلي السبت أنه قصف “أكثر من 400 هدف إرهابي” في قطاع غزة، مشيرا إلى أن طائراته الحربية ضربت “أكثر من 50 هدفا في هجوم مكثف في منطقة خان يونس”.

وأوضح أنه استهدف “شمال قطاع غزة” بالمدفعية والغارات، وعلى وجه الخصوص “الخلايا الإرهابية” و”المسجد الذي تستخدمه حركة الجهاد الإسلامي كمركز قيادة عملياتي” و”مستودع أسلحة”.

بالمقابل، قال الجناح العسكري لحماس إنه استهدف مجموعة من جنود المشاة الإسرائيليين المتمركزين شمال غربي مدينة غزة مما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى.

وأعلنت وزارة الصحة التابعة لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن القصف الإسرائيلي من البرّ والبحر والجو منذ صباح الجمعة، أدى إلى مقتل 240 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 650 آخرين، مشيرة إلى أنه تركّز على مدينة خان يونس بجنوب القطاع.

وقالت إن الجيش الإسرائيلي شنّ “المئات من الغارات الجوية والقصف المدفعي ومن البوارج والزوارق البحرية الحربية على مناطق قطاع غزة”، لاسيما في خان يونس حيث “دُمرت العشرات من البيوت والبنايات السكنية على ساكنيها”.

وفي إسرائيل، أفادت السلطات السبت عن صدور أكثر من أربعين إنذارا بشأن إطلاق صواريخ على وسط البلاد وجنوبها، من دون تسجيل ضحايا.

وامتدت الهدنة سبعة أيام وأتاحت الإفراج عن 80 رهينة من الإسرائيليين الذين يحمل بعضهم جنسية أخرى، كانوا محتجزين في قطاع غزة، مقابل إطلاق 240 من الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية. والغالبية العظمى من هؤلاء من النساء والأطفال.

كما أفرجت حماس عن 25 رهينة إضافية من الأجانب لم يشملهم الاتفاق الأساسي. وسمحت أيام الهدنة بإدخال المزيد من المساعدات الإنسانية إلى القطاع عبر معبر رفح الحدودي مع مصر في ظل الحاجات المتزايدة لسكان القطاع البالغ عددهم 2.4 مليون نسمة.

وتتقاذف إسرائيل وحماس المسؤولية عن انتهاء الهدنة وعدم تمديدها، على عكس الرغبة التي أبدتها أطراف الوساطة، قطر ومصر والولايات المتحدة.

وقالت الحركة الجمعة إنها اقترحت “تبادل أسرى” بـ”مسنّين” من الرهائن وأن تُسلّم جثث رهائن إسرائيليين “قُتلوا في القصف الإسرائيلي”. وأعلن الجيش الإسرائيلي الجمعة أنه تأكد من وفاة 5 من الرهائن وأبلغ عائلاتهم، قائلا إن الدولة العبرية استعادت جثة أحدهم.

وأعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش عن “أسفه العميق” لاستئناف القتال، آملا في “التمكن من تمديد الهدنة”. وقال إن استئناف العمليات العسكرية “يظهر مدى أهمية التوصل إلى وقف إطلاق نار إنساني فعلي”.

وتركزت العمليات العسكرية منذ بدء الحرب في شمال القطاع لاسيما مدينة غزة. ولم تسلم المستشفيات من القصف والاقتحام، وبات عدد كبير منها خارج الخدمة، وفق منظمات دولية.

وأفادت منظمة أطباء بلا حدود عن “تضرر مستشفى العودة حيث لا يزال يعمل زملاؤنا جراء انفجار وقع بعد ساعات قليلة من انتهاء الهدنة”.

وأشارت عبر إكس إلى أن المستشفى “هو أحد آخر مستشفيات شمال غزة التي لا تزال عاملة بعد أن دمر القصف العشوائي المنطقة”، محذرة من انخفاض “مخزون الإمدادات الطبية في مستشفى العودة إلى مستوى خطير ما يجعله بأمسّ الحاجة إلى الأدوية والمعدات”.

وشكّلت المستشفيات مقصدا للآلاف من النازحين جراء الحرب في القطاع. وبعد انتهاء مفاعيل الهدنة الجمعة، نشر الجيش الإسرائيلي خريطة لما أسماها “مناطق الإخلاء” التي يفترض بسكان قطاع غزة مغادرتها، وذلك بعد مطالبة دولية بإنشاء مناطق آمنة، وطلب أميركي بتجنب قتل المدنيين.

وتقسّم الخريطة غزة إلى مئات القطاعات المرقّمة، ونشرت على الموقع الإلكتروني للجيش الذي قال إن الهدف منها تمكين السكان من “إخلاء أماكن محددة حفاظا على سلامتهم إذا لزم الأمر”.

وعلّق مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (أوتشا) على الخريطة بالقول إن نشرها “لا يحدد إلى أين على الناس أن يذهبوا”. وأضاف “من غير الواضح كيف يمكن للذين يقطنون في غزة أن يطّلعوا على الخريطة بلا كهرباء وفي ظل الانقطاع الحالي في الاتصالات”.

وبعث الجيش الإسرائيلي السبت برسائل نصية قصيرة إلى سكان مناطق عدة خصوصا الأحياء الشمالية من خان يونس وبلدات قريبة من الحدود مع إسرائيل وسط قطاع غزة، يطلب فيها منهم الرحيل “فورا”.

وفي موازاة الحرب في غزة، تواصل التصعيد في الضفة الغربية المحتلة. ونفذت القوات الإسرائيلية عمليات ليلية في مناطق مختلفة، وفق وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).

وأحصت وزارة الصحة الفلسطينية مقتل زهاء 240 فلسطينيا برصاص الجيش والمستوطنين الإسرائيليين في الضفة الغربية المحتلة منذ اندلاع الحرب في غزة في السابع من أكتوبر.

وأوقع القصف المكثف على غزة حتى الآن أكثر من 15 ألف قتيل، معظمهم مدنيون وبينهم أكثر من ستة آلاف طفل، وفق حكومة حماس.

وفي نيويورك، قالت المديرة العامة لليونيسف كاثرين راسل “إذا استؤنفت أعمال العنف بهذا الحجم وهذه الشدة، يمكننا أن نفترض أن مئات الأطفال الآخرين سيُقتلون ويصابون كل يوم”.

وأتاحت الهدنة فترة هدوء لسكان غزة وسرّعت وتيرة دخول المساعدات. وبعدما توقف الجمعة تدفق المساعدات التي سبق للأمم المتحدة أن قالت إنها غير كافية، أعلنت جمعية الهلال الأحمر الفلسطيني السبت بدء تسلّم مساعدات.

وكتب الهلال الأحمر عبر إكس أن طواقمه “تستلم الآن شاحنات المساعدات عبر معبر رفح من الأشقاء في الهلال الأحمر المصري”.

وكان الهلال الأحمر أكد الجمعة أن الجيش الإسرائيلي أبلغ الجمعية والمنظمات “منع دخول شاحنات المساعدات من الجانب المصري إلى قطاع غزة بدءاً من اليوم (الجمعة) وحتى إشعار آخر”.

وباتت الاحتياجات هائلة في القطاع الخاضع لحصار إسرائيلي، حيث تعرض أكثر من نصف المساكن لأضرار أو دُمّر ونزح 1.7 مليون شخص بسبب الحرب وفق الأمم المتحدة.

ويشهد الوضع الصحي تدهورا، إذ تحدثت منظمة الصحة العالمية عن وجود 111 ألف إصابة بالتهاب الجهاز التنفسي الحاد و36 ألف حالة إسهال لدى أطفال دون الخامسة بين النازحين في غزة.