خبيرة أممية في الجزائر لبحث «أوضاع حقوق الإنسان والحريات»

مهمة صعبة تحت رقابة مشددة

الجزائر

حلت المقررة الأممية ماري لولو، المختصة في شؤون المدافعين عن حقوق الإنسان، بالعاصمة الجزائر بدعوة من السلطات الجزائرية، حيث ينتظر أن تقضي قرابة أسبوعين في مهمة التقصي والبحث والتشاور مع مختلف الجهات ذات الصلة بحقوق الإنسان، خاصة في ظل اللغط الذي يحيط بالملف من طرف ناشطين وهيئات إقليمية ودولية.

وحظيت المقررة باستقبال من وزير الداخلية والجماعات المحلية إبراهيم مراد، والاتصال محمد لعقاب، كما ينتظر أن تلتقي بمناضلين وناشطين وحقوقيين للاطلاع على الوضعية، وذلك بغية الاطلاع أكثر على حيثيات وتفاصيل الوضع، لاسيما وأن السلطة ظلت تتردد في بادئ الأمر في استقبال المقررين الأمميين ولم توافق على العملية إلا خلال الآونة الأخيرة، حيث سبق للمقرر كليمان نيالتسوسي فول أن زار الجزائر وأعد تقريرا سيرفعه إلى الهيئة الأممية.

وأوصت دائرة تابعة لوزارة الاتصال العاملين في الإعلام المحلي بمتابعة وتغطية زيارة المقررة الأممية طيلة تواجدها على الأراضي الجزائرية، وهو ما يوحي برغبة السلطة في تبديد الالتباس القائم حول الوضع، خاصة وأن غياب الإعلام عن الملف سيكرس الانطباع لدى المختصين حول ما يتردد في بعض الدوائر الحقوقية حول تدهور وضعية الحقوق والحريات في البلاد.

وتجمع تقارير مهتمة بوضعية حقوق الإنسان على تراجع لافت للحريات والحقوق في السنوات الأخيرة بالبلاد، حيث عمدت السلطة إلى توسيع نطاق التضييق والحد من نشاط الفاعلين السياسيين والإعلاميين، وسنت تشريعات فاقمت من حملة التوقيفات والإحالة على السجون بدعوى الحرب على الإرهاب بموجب ما بات يعرف بالبند “87 مكرر” الذي دعيت الحكومة الى مراجعته من طرف جمعيات ومنظمات حقوقية.

وأفاد بيان لوزارة الاتصال بأن “الوزير محمد لعقاب استقبل المقررة الأممية المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان السيدة ماري لولور، التي تقوم بزيارة رسمية إلى الجزائر، وأن الوزير قدم خلال هذا اللقاء عرضا شاملا عن القوانين المتعلقة بالإعلام، والتي تحمل في مجملها جملة من الامتيازات والضمانات التي يقدمها قانون الإعلام الجديد من أجل حماية حقوق الصحافيين وتعزيز حريتهم”.

ومن جهتها استعرضت المقررة الأممية المعنية بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان خلال اللقاء “مهامها وصلاحياتها والدور الذي تقوم به في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها بطريقة سليمة”.

ولا زالت تنسيقية الدفاع عن معتقلي الرأي تحصي نحو 300 موقوف وسجين، تم اعتقالهم بسبب “التعبير عن أفكارهم وآرائهم في شبكات التواصل الاجتماعي، أو شاركوا في أعمال سلمية مناهضة للسلطة”، بينما لا زالت الأخيرة تنفي وجود سجناء رأي في البلاد، وأكد الرئيس عبدالمجيد تبون، في أكثر من تصريح، بأن “هؤلاء هم سجناء قانون عام بسبب مخالفات قانونية قاموا بها، تتعلق في الغالب بالتشهير والقذف والتعرض لرموز ومؤسسات الدولة”.

كما استقبلت المقررة الأممية ماري لولور من طرف وزير الداخلية والجماعات المحلية والتهيئة العمرانية إبراهيم مراد، وذكر بيان للداخلية بأن “اللقاء شكل سانحة للطرفين لتناول واقع حقوق الإنسان ببلادنا، لاسيما بعد الإصلاحات العميقة التي بادر بها رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، والتي كرسها التعديل الدستوري الأخير لسنة 2020، وتجسدت من خلال مختلف الآليات الجديدة التي سمحت بتحسين وضعية حقوق الإنسان على الصعيد المدني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي”.

وأكد الوزير الجزائري بأن “قيم الحريات العامة وحقوق الإنسان راسخة في المنظومة الوطنية منذ إعلان أول نوفمبر 1954، فضلا عن النوعية التي ستحملها التعديلات المقترحة للقوانين المتعلقة بالجمعيات، الأحزاب السياسية وقانوني البلدية والولاية، والتي ستسمح بتعزيز الحريات العامة ومبادئ الديمقراطية التشاركية وتدعيم مساهمة كل الفاعليين المجتمعيين في تسيير الشؤون العامة وترقية حقوق الإنسان”.

من جهتها، عبرت ماري لولور عن الاطار الذي يحيط بمهمتها في الجزائر، لاسيما تبادل الرؤى مع جميع المعنيين بمسألة حقوق الإنسان من ممثلي الهيئات الحكومية، الاستشارية والمجتمع المدني”.

وذكرت المقررة الأممية خلال لقائها برئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان عبدالمجيد زعلاني بأن “طبيعة ولايتها متعلقة أساسا بدعم العمل الذي يؤديه المدافعون عن حقوق الإنسان من أجل تعزيز هذه الحقوق، وهي تندرج ضمن تعزيز تنفيذ الدول لالتزاماتها بشأن حماية المدافعين عن حقوق الإنسان، والوقوف على مجمل التطورات والتحديات بشأن الحق في تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها مع تلقي كل المعلومات الخاصة بهذا الشأن، والرد عليها ضمن تقارير خاصة”.

وتطرق رئيس المجلس الوطني لحقوق الإنسان (حكومي) إلى “التطورات التي تعرفها الإصلاحات الدستورية ووتيرتها ضمن رؤية تدعيم الحريات واستكمال الإصلاحات من خلال التعديل الدستوري لسنة 2020، والذي دعّم بناء مؤسسات قوية تخدم مطالب الشعب بتمتين أعمدة دولة القانون والتي تتوافق مع مبدأ ضمان الحريات”.

وأكد المتحدث أن هيئته تتابع باهتمام شديد هذه الحركية الطموحة والصادقة في تجسيد وحماية الحريات الأساسية، من خلال أدوات تشريعية قوية وداعمة لكل مبادئ حقوق الإنسان.

وقدم زعلاني تفاصيل لضيفته تتصل بعلاقة مؤسسة حقوق الإنسان بالفاعلين من الناشطين من المجتمع المدني والذي يعتبرون حجر الأساس في مجال الدفاع عن حقوق الإنسان، خاصة القضاء على كل أشكال التمييز ومكافحة العنف.