البنك المركزي المصري يلتحق بموجة العملات الرقمية

خطوة تعزّز التحول إلى الاقتصاد الرقمي

القاهرة

تستعد مصر للحاق بركب العديد من دول العالم في استخدام العملات الرقمية ضمن خطط ترسيخ التكنولوجيا المالية، التي صارت ملجأ لإتمام التعاملات المصرفية والتجارية دون الحاجة إلى الأوراق النقدية رغم التحديات التي قد تقف أمام تنفيذ الخطوة.

وكشف مصدر حكومي الثلاثاء أن البنك المركزي المصري يدرس إصدار الجنيه الرقمي بالتعاون مع صندوق النقد والبنك الدوليين.

وقال المصدر، الذي طلب عدم ذكر هويته، لبلومبرغ الشرق إن الخطوة “تأتي في إطار سعي البنك المركزي لتعزيز التحول إلى الاقتصاد الرقمي وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية الفورية بين الأفراد والشركات دون الحاجة إلى الوساطة”.

وأوضح أن الجنيه الرقمي سيُتاح استخدامه عبر أجهزة الموبايل في التحويلات والتجارة وتبادل الأموال بين الأفراد والمؤسسات، وسيعمل على تقليل إصدار العملات الورقية.

ولم يذكر المصدر توقيت إطلاق هذه العملة بشكل رسمي للتداول، لكنه أشار إلى أن “الدراسات ستستغرق مزيدا من الوقت، لكننا نسير في الاتجاه الصحيح”.

وتعد العملات الرقمية نسخا افتراضية من النقود الورقية، التي تصدرها البنوك المركزية وتنظم العمل بها، وبالتالي فإنها ليست متقلبة مثل العملات المشفرة.

وينضم الجنيه المصري بذلك إلى أكثر من مئة عملة رقمية صادرة عن بنوك مركزية تمر بمرحلة البحث أو التطوير.

وكانت السلطات النقدية في نيجيريا قد أصدرت عملة إي – نايرا في أكتوبر 2021، وسبقتها السلطات في جزر البهاما عبر عملة ساند دولار الذي ظهر للمرة الأولى في أكتوبر 2020، وفق بيانات صندوق النقد.

وخلال العام الجاري أعلنت دولة الإمارات عن إستراتيجية لإطلاق عملتها الرقمية، وتعاقدت مع شركتين لتقديم خدمات البنية التحتية والتكنولوجية للمشروع.

ويندفع صندوق النقد الدولي إلى العمل على تطوير منصة عالمية للعملات الرقمية بين البنوك المركزية عبر الحدود لمواجهة المخاطر المرتبطة بهذا التحول.

وكانت كريستالينا جورجييفا، المديرة العامة للصندوق، قد أكدت في يونيو الماضي على أهمية العملات الرقمية للبنوك المركزية في توفير كلفة التحويلات المالية عبر الحدود وتعزيز مرونة وكفاءة أنظمة الدفع.

وقالت جورجييفا آنذاك إن “التأخر عن ملاحقة ركب العملات المشفرة من خلال البنوك المركزية سيضيّع فرصاً مالية وينذر بمخاطر أكبر على مستقبلنا”.

ويشكل إصدار العملة الرقمية في مصر خطوة ضمن مساعي البلاد لزيادة الشمول المالي وتوسيع نطاق المدفوعات الإلكترونية.

وأطلق المركزي شبكة المدفوعات اللحظية في مارس 2022، وهي منظومة محلية تربط كافة البنوك العاملة داخل البلاد ببنية تحتية رقمية، بحيث يربط تطبيق على الهاتف يسمى “إنستا باي” الحسابات لدى البنوك المختلفة، ويتيح التحويل اللحظي بينها.

وقفز عدد زبائن إنستا باي 71 في المئة خلال آخر خمسة أشهر إلى 6.5 مليون زبون في نوفمبر الجاري، مقارنة مع 3.8 مليون زبون في يونيو الماضي.

وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أن حجم المعاملات بلغ نحو 650 مليار جنيه (21.5 مليار دولار)، ويُتوقع وصولها إلى 800 مليار جنيه (26 مليار دولار) بنهاية ديسمبر المقبل.

وفي يوليو الماضي قررت السلطات النقدية المصرية السماح للبنوك الرقمية بالعمل في البلد للمرة الأولى، في تحول سيعزز من نشاط النظام المصرفي بما يحقق أهداف خطط الإصلاح وفي الوقت نفسه التعويل بشكل أكبر على التكنولوجيا في تقديم الخدمات.

وكشف البنك المركزي في ذلك الوقت عن قواعد ترخيص وتسجيل تمهيدا لإنشاء بنوك رقمية لأول مرة في السوق المحلية.

وقال إن “الخطوة مهمة وتواكب التطورات العالمية في صناعة التكنولوجيا المالية وتلبي احتياجات الزبائن في السوق المصرية”، و”تأتي استكمالا لجهود الدولة في دعم الابتكار والتحول إلى الاقتصاد الرقمي”.

وخلال السنوات القليلة الماضية شرعت دول الشرق الأوسط، وخاصة الإمارات والسعودية والأردن والكويت، في اعتماد أسس تسهم في انتشار هذه النوعية من البنوك التي تواكب الطفرة التقنية في القطاع المالي.

وكانت القاهرة قد أصدرت قانونا في العام 2020 تطرق إلى مفهوم البنوك الرقمية وما تقدمه من خدمات مصرفية عبر القنوات أو المنصات الرقمية باستخدام التقنيات الحديثة.