الحكومة المغربية تعمل على احتواء أزمة التعليم بالحوار مع النقابات

أخنوش يبحث عن مخرج للاحتقان الذي يخيم على التعليم العمومي

الرباط

أعربت الحكومة المغربية عن استعدادها لتوطيد قنوات الحوار لإيجاد حلول كفيلة بإنهاء أزمة التعليم، في ظل احتقان "غير مسبوق" نتيجة الإضرابات المتكررة والمتتالية والاحتجاجات الواسعة بين صفوف الأساتذة رفضاً لمضامين النظام الأساسي الجديد لموظفي قطاع التربية.

 وصرح مصطفى بايتاس الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن الأخيرة لديها الإرادة السياسية لحل مختلف المشاكل الاجتماعية عبر الحوار، بما في ذلك الأزمة التي يعيشها قطاع التعليم بسبب الاحتجاجات والإضرابات المستمرة للأساتذة.

وتحاول الحكومة التوصل إلى صيغة توافقية مع النقابات المهنية لإنهاء أزمة التعليم المتفاقمة في البلاد ويدفع ثمنها التلاميذ، حيث تعيش المدرسة المغربية العمومية للشهر الثاني على التوالي على وقع الاضطرابات التي خلخلت مسار الدراسة وسير العملية التعليمية.

ووجه رئيس الحكومة عزيز أخنوش، الدعوة إلى النقابات التعليمية للاجتماع مع اللجنة الثلاثية المشتركة التي ستضم كلا من وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، والوزير المنتدب المكلف بالميزانية، ووزير التشغيل.

وشدد أخنوش على أن “الحوار هو السبيل ‏الوحيد لإيجاد الحلول الناجعة ومعالجة المشاكل المطروحة، لذلك ندعو النقابات إلى عقد جلسة للحوار القطاعي”,

ومن المرتقب أن ينعقد هذا الاجتماع، الذي يُتوقع أن يرأسه أخنوش الاثنين المقبل، بهدف البحث عن مخرج للاحتقان الذي يخيم على التعليم العمومي منذ أكثر من شهرين، بسبب رفض الأساتذة للنظام الأساسي لقطاع موظفي التربية الوطنية.

وقال بايتاس في الندوة الصحافية الأسبوعية عقب انعقاد المجلس الحكومي "أؤكد أن رئيس الحكومة شدد على فتح أبواب الحوار، ونحن داخل الحكومة نعتبر أن التعليم من الركائز الأساسية لبناء الدولة الاجتماعية، ونؤكد على حلحلة الملف من خلال اللجنة الثلاثية المشتركة".

وتحدث أخنوش عن معطيات جديدة بخصوص النقاشات التي درات بين الحكومة والنقابات التعليمية في إطار جولات الحوار الاجتماعي لمعالجة الملفات التعليمة، قبل إصدار النظام الأساسي الجديد لموظفي التعليم.

وأوضح في كلمة له خلال اجتماع الأغلبية الحكومية، أن البرنامج الحكومي تضمن إجراء يتعلق بالرفع التدريجي من الحد من أجور الأساتذة إلى 7500 درهم بالنسبة لحملة شهادة التأهيل التربوي، مسجلا بحضور الأمناء العامين لأحزاب التحالف الحكومي وعدد من أعضاء الحكومة أن هناك "مغالطات" يتم الترويج لها في أوساط المواطنين وأحيانا في صفوف أساتذة التدريس.

وأكد أن الحكومة أعلنت استعدادها للزيادة في أجور الأساتذة في أول مسارهم المهني بقيمة 2500 درهما، غير أن النقابات رفضت ذلك واختارت صيغة أخرى تتعلق باعتمادها في آخر المسار، بالنظر إلى أن هناك فئات أخرى اشتغلت لسنوات طويلة ستحرم من هذه الزيادة، مشيرا إلى أنه تقرر اعتماد الدرجة الاستثنائية من أجل ضمان استفادة جميع المدرسين من التعويضات في آخر المسار المهني.

ووضعت الحكومة قضية التعليم في صدارة اهتمامها وحرصت على تحسين جودة التدريس وجعل المهنة أكثر جاذبية، وأعرب أخنوش "لهذا اعتمدنا تسقيف السن في 30 سنة وغيرهما من الاجراءات لإعادة الاعتبار للمدرسة المغربية، وربطنا تحسين دخل الأساتذة بالحوار الاجتماعي لأنه لا نشتغل لوحدنا بل نعمل بتنسيق مع الشركاء الاجتماعيين".

وقالت نقابات التعليم أنها ستشارك في حوار مع رئيس الحكومة، وصرح ميلود معصيد، الكاتب العام للجامعة الوطنية للتعليم (الاتحاد المغربي للشغل) "أكيد سنقبل الدعوة وسنحضر حاملين مقترحاتنا ومطالبنا، وأهمها الخروج من الحوار بضمانات وتعهدات معقولة توقف الاحتقان الحاصل، وترجع الثقة والطمأنينة لموظفي القطاع وتعيد الأساتذة والتلاميذ إلى أقسامهم".

ودعا معصيد، في تصريح لموقع هسبريس، الحكومة إلى أن "تكون مسؤولة في هذا الحوار الذي نستبشر به خيرا لتجويد النظام الأساسي بما يشمل النظر في العقوبات والمهام التي نرفضها، ثم الزيادة في الأجور وإلغاء الاقتطاعات"، مشددا على أن "المشكل الحاصل الآن في القطاع بات هماً مجتمعياً وليس قطاعياً فحسب".

وبالتزامن مع محاولات إيجاد صيغة مشتركة بين الحكومة والأساتذة لحل الأزمة، وجهت النقابة الوطنية للتعليم، المنضوية تحت لواء الكونفدرالية الديمقراطية للشغل رسالة إلى أولياء التلاميذ، دعتهم فيها إلى المشاركة في المسيرات الجهوية للأساتذة يوم 3 ديسمبر/كانون الأول المقبل بعنوان "للدفاع عن المدرسة العمومية وعن حق بنات وأبناء المغاربة في تعليم عمومي جيد ومجاني للجميع". وأثارت هذه الرسالة استياء الفدرالية الوطنية لجمعيات آباء وأمهات وأولياء التلاميذ.

وقال نور الدين عكوري رئيس الفدرالية، إن النداء الذي وجهته النقابة الوطنية للتعليم إلى أولياء التلاميذ للاحتجاج، "أمر غير مقبول وغير أخلاقي"، مضيفا "من حق الأساتذة أن يدافعوا عن حقوقهم ولكن في الوقت نفسه يجب ألّا يتم ذلك عن طريق التلاميذ وأوليائهم".

وأضاف عكوري "إذا كان مناضلو هذه النقابة يريدون أن يحتج التلاميذ دفاعا عن الأساتذة، فعليهم أن يصحبوا أولا أبناءهم معهم إلى الشارع، وليس الاستعانة بالأسر الأخرى وجعلها دروعا بشرية".

وتابع "لا يمكن لأب أو أم يرى ابنه جالسا في البيت عوض الذهاب إلى المدرسة أن يخرج إلى الشارع للاحتجاج دفاعا عن الآخر (الأستاذ)"، معتبرا أن التلاميذ "هم رهينة هذه المعركة بين الأساتذة والوزارة".