السيسي يدشن دعايته الانتخابية بتحريك "حزب الكنبة"

دعاية انتخابية بصورة غير مباشرة
دشّن الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي دعايته الانتخابية بصورة غير مباشرة من العاصمة الإدارية في شرق القاهرة السبت، وعلى مدار ثلاثة أيام، بمؤتمر “حكاية وطن”.
ويريد السيسي أن يضفي طابعا عمليا على دعايته الانتخابية كي يعزز مكانته في وجدان مؤيديه ويحرك ما يسمى بـ”حزب الكنبة” وهم الأغلبية الصامتة لدعمه والتصويت له في الانتخابات المقبلة، ويوحي بالفرق بينه وبين منافسيه.
وقد خاطبهم بالقول “كلمة واحدة عاوز أقولها للناس.. ده اللي إحنا عملناه وعندكم فرصة في الانتخابات الرئاسية اللي جاية.. عندكم فرصة للتغيير”.
وأضاف السيسي أن “جزءا كبيرا من العمل الذي قمنا به كان هدفه استعادة الثقة لدى المصريين وهو الأمر الذي يحاول المخربون الآن التشكيك فيه”.
وشهدت مكاتب التوثيق الخاصة بتحرير توكيلات المرشحين في انتخابات الرئاسة المصرية، يومي الجمعة والسبت، إقبالاً كبيراً من جانب مواطنين ذهبوا لتأييد ودعم متنافسين في سباق انتخابي ينطلق مطلع ديسمبر المقبل بعد شكاوى أنصار مرشحين محسوبين على المعارضة بوجود مضايقات تعرضوا لها الأيام الماضية.
وتواجد عدد من المرشحين المحتملين للرئاسة أمام مكاتب الشهر العقاري للتأكد من سير عملية منح التوكيلات دون مشكلات، وكان الأكثر نشاطًا رئيس حزب تيار الكرامة السابق أحمد الطنطاوي الذي تواجد في عدد من المكاتب في مناطق مختلفة بالقاهرة الكبرى والإسكندرية، مع مشاركة واسعة من مؤيدي الرئيس السيسي الذين نجحوا في تحرير مئات الآلاف من التوكيلات الداعمة لإعلان ترشحه.
وأخذت الانتخابات الرئاسية طابعا جديا من قبل المرشحين المحتملين والإجراءات المطلوب توافرها لعدم التشكيك في نزاهتها، وقامت الحكومة بتذليل الكثير من العقبات.
وردت الهيئة الوطنية المشرفة على الانتخابات في مصر على اتهامات بمضايقات تعرض لها مرشح المعارضة أحمد الطنطاوي، بالنفي وعدم وجود محاباة لأحد من قبل الجهات المكلفة بتنفيذ قراراتها المتعلقة بانتخابات الرئاسة، وبينها مكاتب التوثيق.
وأكدت رفضها المطلق أن يتم الزج بها كطرف في أيّ خلافات أو مناكفات سياسية، أو أن تنسب إليها وقائع من نسج الخيال والتطاول عليها، فهذه التصرفات لن يتم التهاون معها وسيتم اتخاذ الإجراءات القانونية حيالها بصورة حاسمة.
وعلق الطنطاوي حملته الانتخابية لمدة يومين، بدءا من الأربعاء، دون أن يتوقف عن عملية تحرير التوكيلات، والمطالبة بتوفير ضمانات كاملة، وتقدم بطعنين أمام المحكمة الإدارية العليا ضد رئيس مجلس إدارة الهيئة الوطنية للانتخابات قبل أن يعود ويطلب من مؤيديه الذهاب إلى مكاتب الشهر العقاري لمساعدته في جمع التوكيلات.
ونجح عدد من أصدقاء الحملة ومؤيديها داخل مصر وخارجها في تحرير توكيلات لمرشحهم ووجدوا معاملة حسنة في مكاتب الشهر العقاري خلافا لما حدث سابقا.
وطالبت المرشحة المحتملة جميلة إسماعيل رئيسة حزب الدستور الهيئة باستمرار التحقيق في الشكاوى، والعمل على تسهيل الإجراءات، وضمان حق أيّ مواطن في تحرير توكيل لمن يختاره بلا عراقيل أو مماطلة أو تعرض لتهديد أو تحرش من قبل أيّ فرد أو جهة داخل مقرات التوثيق بالشهر العقاري أو خارجها.
وتبدو معركة التوكيلات مؤشراً يقاس عليه إجراء انتخابات تنافسية حقيقية أم لا، وأن حراك المواطنين المبكر للمشاركة في ماراثون جمع التوكيلات مقدمة على مشاركة أكبر للإدلاء بأصواتهم في صناديق الاقتراع شريطة أن تتوفر لديهم الأجواء الملائمة التي تضمن الوصول إلى مشهد انتخابي تتوافر فيه ضمانات النزاهة والشفافية.
وأكدت القيادية بكتلة الحوار الوطني (تكتل قريب من توجهات المعارضة) مارجريت عازر أن سير عملية جمع التوكيلات يؤسس لانتخابات تنافسية قوية أو يحوّل المشهد لإجراء شكلي، ووجود أكثر من شخصية معارضة لديها رغبة في خوض الانتخابات يسهم في سخونة المشهد الحالي في ظل توالي الانتقادات التي تعرضت لها الجهات المشرفة على جمع التوكيلات من جانب أكثر من مرشح.
وأضافت في تصريح لـ”العرب” أن المضايقات التي تعرض لها أنصار المعارضة لم تتم بتعليمات مباشرة من السلطة التنفيذية، لكن بعض الموظفين تطوعوا لاتخاذ قرارات ارتكانًا على إرث قديم في انتخابات الرئاسة التي شهدت اصطفافات حكومية إلى جانب الرئيس الموجود في سدة الحكم، ولا يثقون في تغيير يسمح بظهور مرشحين ينافسونه بشكل حقيقي، وهو أمر تحتاجه الدولة المصرية بقوة الآن.
وأكدت أن بيان الهيئة الوطنية للانتخابات الحاسم يمثل رسالة طمأنة للمواطنين والمرشحين، كما أن إعلان الشركة المتحدة للخدمات الإعلامية المالكة لغالبية وسائل الإعلام المحلية الوقوف على مسافة واحدة من جميع المرشحين يعزز هذا السياق، بعد أن حملت الأيام الماضية رسائل سلبية لها تأثير على العملة الانتخابية برمتها، وأن عدم قناعة المواطنين بتأثير أصواتهم قد يدفعهم للعزوف عن المشاركة.
ويساعد تنظيم عملية تحرير التوكيلات بالشكل الأمثل على تعريف المواطنين بالقوة الحقيقية لمرشحي المعارضة، خاصة أحمد الطنطاوي وجميلة إسماعيل، ويعتمدان على التوكيلات الشعبية للوفاء بأحد شروط الترشح، وهو أمر قد لا يخدم المعارضة التي ستجد صعوبة في الحصول على 20 ألف توكيل من 15 محافظة في فترة لا تتجاوز الأسبوعين حتى موعد غلق باب الترشح في الرابع عشر من أكتوبر المقبل.
ويشترط قانون انتخابات الرئاسة المصرية حصول المرشح على تزكية 20 عضوا من مجلس النواب، أو تأييد 25 ألف مواطن من 15 محافظة في أنحاء الجمهورية، بواقع ألف تأييد على الأقل من كل محافظة لتقديم أوراقه للترشح.
ويشير الاستنفار الذي أعقب شكاوى بعض المرشحين من المضايقات، ومناشدة رئيس حزب الإصلاح والتنمية محمد أنور السادات الجيش بالتدخل للإشراف على العملية الانتخابية، إلى أن ضغوط المعارضة نجحت في تحسين الأجواء المحيطة للانتخابات، لكن ذلك لا يعنى أنها قادرة على جذب المواطنين لما تقوم به من خطوات تنصبّ على الضغط السياسي وتتجاهل الدخول في تفاصيل رؤيته لإدارة المرحلة المقبلة.
ويسهل فشل أيّ من المعارضين في الحصول على التوكيلات الشعبية المطلوبة للترشح من مهمة المعارضة في التوافق على مرشح واحد لخوض السباق، وهم: أحمد الطنطاوي وجميلة إسماعيل، إلى جانب فريد زهران رئيس الحزب المصري الديمقراطي وسلك اتجاهًا نحو الحصول على تزكية نواب البرلمان ولن يدخل معركة التوكيلات.
ويشدد متابعون على أن تصدير فكرة حدوث تجاوزات أثناء عملية التوكيلات تستفيد منها جماعة الإخوان التي ترى في المشهد الراهن فرصة للتشكيك في شرعية النظام السياسي برمّته، وهو أمر تدركه دوائر حكومية تسعى لإجراء انتخابات تشهد تنافسية تُقنع الداخل والخارج بالشرعية التي يكتسبها الرئيس الفائز.