صحف..

الأمم المتحدة تحدد 3 عناصر أساسية لإنهاء الصراع في اليمن

"أرشيفية"

دبي

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، إن خطوات "مهمة وإيجابية" اُتخِذت منذ أكثر من عام لتقليل العنف في اليمن وتحسين حياة اليمنيين.

وعقد مجلس الأمن الدولي، يوم الاثنين، جلستين بشأن الوضع في اليمن، في الجلسة الأولى اتخذ المجلس، بالإجماع، القرار رقم 2691 (2023) والذي جدد بموجبه تفويض بعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحُديدة (أونمها) في اليمن لمدة عام واحد، وفق موقع أخبار الأمم المتحدة.

وفي الجلسة الثانية استمع المجلس إلى إحاطات بشأن الأوضاع السياسية والإنسانية في اليمن قدمها كل من مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن، هانس غروندبرغ، ومساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا، ومنسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، ديفيد غريسلي.

وقال المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، إنه رغم انتهاء مدة الهدنة، فإن اليمن وشعبه "يستشعران منافع أطول فترة من الهدوء النسبي منذ بدء الصراع"، مستشهدا بالتقرير الأممي الأخير عن الأطفال والنزاعات المسلحة الذي أفاد بأن الهدنة قللت الانتهاكات الجسيمة بحق الأطفال بنسبة 40 في المئة.. وأثنى على هذا التحسن لكنه أكد أن هناك حاجة للمزيد. 

وأوضح غروندبرغ، أن هذه الفترة من الهدوء النسبي أفسحت المجال لنقاشات جادة مع الأطراف اليمنيين بشأن المضي قدما على طريق إنهاء الصراع.

لكنه قال: “إذا أردنا إنهاء هذه الحرب بشكل نهائي، فينبغي لهذه المحادثات أن تحقق انفراجة جادة”، كما أثنى على الجهود المستمرة للأطراف الإقليمية في دعم تلك المحادثات بما فيها السعودية وسلطنة عمان، علاوة على الدور الذي تلعبه الحكومة الأردنية في استضافة المفاوضات بشأن إطلاق سراح مزيد من المحتجزين.

وضع هش وصعب

وحذر غروندبرغ من أن الوضع على الأرض "يظل هشا وصعبا"، مشيرا إلى وقوع بعض الاشتباكات على الخطوط الأمامية.

وقال إن شرارات العنف المستمرة هذه والتهديد العلني بالعودة إلى القتال على نطاق واسع، تزيد المخاوف والتوترات، داعيا جميع الأطراف لوقف "الأعمال العسكرية والاستفزازية والخطاب الذي يزيد من احتمال وقوع مزيد من التصعيد".

وأضاف المسؤول الأممي أن هناك صراعا آخر على صعيد السيطرة على الموانئ التي تدر الدخل وطرق التجارة والقطاع المصرفي والعملة والموارد الطبيعية، والذي لا يمكن فصله عن الصراع العسكري والسياسي.

تقييد حركة النساء والفتيات

وشدد غروندبرغ على أن حرية الحركة في اليمن تشكل تحديا هائلا حيث أجبر إغلاق الطرق المتصل بالصراع آلاف اليمنيين على سلك طرق غير آمنة كل يوم، ورفع من تكلفة نقل البضائع بنسبة 100 في المئة.

وأشار أيضا إلى أن القيود على حرية حركة النساء والفتيات صارت أكبر أثناء الصراع، مضيفا أنه تم التوسع بشكل لافت خلال السنة الماضية في اشتراط تنقل النساء والفتيات برفقة قريب لهم من الرجال، وخصوصا في المناطق التي يسيطر عليها الحوثي.

عناصر أساسية لإنهاء الصراع

وحدد مبعوث الأمم المتحدة الخاص لليمن ثلاثة عناصر أساسية لإنهاء الصراع والتوصل لسلام دائم وعادل، قائلا إن أول هذه النقاط هي أن "تتوقف الأطراف فورا عن الاستفزازات العسكرية وتستعد لوقف دائم لإطلاق النار يشمل جميع أنحاء البلاد، وأن توافق عليه".

أما ثاني العناصر التي دعا إليها غروندبرغ فهي أن تعمل الأطراف على خفض التصعيد الاقتصادي وأن تلبي الاحتياجات الاقتصادية قصيرة وطويلة الأجل.

وأضاف المسؤول الأممي "ثالثا، يجب على الأطراف أن تحقق تقدما على صعيد الموافقة على تمهيد الطريق لاستئناف عملية سياسية يمنية برعاية الأمم المتحدة".

وأكد أن اليمنيين لديهم تاريخ غني في الحوار والابتكار والتوصل لحلول وسط على المستويين الوطني والمحلي.

واقع محفوف بالمخاطر

مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية ونائبة منسق الإغاثة في حالات الطوارئ، جويس مسويا قدمت إحاطة لأعضاء مجلس الأمن عبر الفيديو بدأتها بالتأكيد على أن الاحتياجات الإنسانية في اليمن تظل كبيرة في المستقبل المنظور.

وأفادت بأن المنظمات الإنسانية تسعى هذا العام للوصول إلى 17.3 مليون شخص من بين 21.6 مليون يحتاجون إلى مساعدة، مشيرة إلى أن المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء من بين الفئات الأكثر ضعفا ضمن هؤلاء، وأن أعدادهم في زيادة.

واستشهدت بأرقام المنظمة الدولية للهجرة والتي تفيد بأن أعداد المهاجرين الذين وصلوا لليمن في النصف الأول من عام 2023 بلغت 77 ألف شخص، مضيفة أنه وفقا لهذا المعدل، فإنه من المتوقع أن يتضاعف عدد الوافدين مقارنة بالعام السابق.

وقالت المسؤولة الأممية إن التقديرات تشير إلى أن ما يصل إلى 300 ألف مهاجر وطالب لجوء ولاجئ سيحتاجون لمساعدة إنسانية هذا العام.

وتحدثت مسويا عن النازحين في اليمن قائلة إنهم "يواجهون واقعا محفوفا بالمخاطر".

وأوضحت مساعدة الأمين العام للشؤون الإنسانية أن أحد المحركات الأساسية لتلك الزيادة الهائلة في الاحتياجات الإنسانية في اليمن، هو الوضع الاقتصادي المتدهور، مشيرة إلى أن تحقيق الاستقرار الاقتصادي يمكن أن يقلل من عدد الناس المحتاجين.

الحاجة لمزيد من التمويل

ودعت مسويا إلى ضرورة السماح بنقل البضائع بين جميع أرجاء البلاد، دون عائق، وبذل المزيد من أجل توفير مصادر دخل وتحسين قدرة الناس الشرائية وضمان توفير الخدمات الأساسية. 

وأفادت المسؤولة الأممية أيضا بأن الأمم المتحدة مستمرة في التواصل مع السلطات المعنية من أجل توسيع المساحة العملياتية كي يتمكن الناس في اليمن بصورة أفضل من تلقي المساعدات التي يحتاجونها بشكل عاجل.

وأضافت: "مرة أخرى، أدعو الأطراف للوفاء لالتزاماتهم من أجل تسهيل مرور الإغاثة الإنسانية بشكل سريع ودون عوائق".

ونبهت مسويا إلى أن خطة الاستجابة الإنسانية لعام 2023 لم يتم تمويلها إلا بنسبة 29 في المائة حتى الآن، محذرة من العواقب الوخيمة لهذا الأمر والذي قد يؤدي إلى إجبار الوكالات الأممية على تقليص بعض أنشطتها.

وقالت إن أنشطة علاج سوء التغذية التي يوفرها برنامج الغذاء العالمي تغطي 40 في المئة فقط من المطلوب، وإن "غياب مساهمات جديدة بحلول سبتمبر يعني أن البرنامج سيُجبر على قطع المساعدات الإنسانية لنحو خمسة ملايين شخص".

كما أشارت مسويا إلى أن أمن العاملين في الأمم المتحدة يظل مبعثا للقلق، داعية إلى إطلاق سراح العاملين في الأمم المتحدة المحتجزين في اليمن وتوفير الحماية لعمال الإغاثة.

أزمة سياسية ومعاناة إنسانية

ويشهد اليمن معاناة إنسانية كبيرة منذ أكثر من 7 سنوات نتيجة الحرب المستمرة بين القوات الموالية للحكومة المدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية من جهة، والحوثيين المدعومين من إيران، المسيطرين على عدة محافظات بينها العاصمة صنعاء من جهة أخرى، وذلك منذ سبتمبر 2014.

ويسيطر المتمردون على صنعاء ومعظم مناطق الشمال اليمني ومن بينها مدينة الحديدة على ساحل البحر الأحمر والتي تضم ميناء يعتبر شريان حياة ملايين السكان في مناطق الحوثيين.

وتسببت الحرب في اليمن بمصرع أكثر من 377 ألف شخص بشكل مباشر أو غير مباشر، ونزوح الآلاف في أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حسب وصف الأمم المتحدة.

وتسعى الأمم المتحدة إلى وقف دائم لإطلاق النار، من أجل الشروع في إحياء مسار الحوار السياسي المتوقف عملياً منذ التوقيع على اتفاق السويد الخاص بالحديدة في عام 2018.