الحوثيون..

"مخيمات صيفية" أم مراكز تدريب للأطفال؟

"أرشيفية"

موسكو

المشهد المُسرب من أحد معسكرات تدريب الأطفال التي انشأتها مليشيات الحوثي، تحت غطاء "المراكز الصيفية"، يعيد التذكير بأحد أكبر عمليات تجنيد الأطفال الذين تم غسل أدمغتهم بأفكار متطرفة وتعبئتهم بشعارات "الموت والكراهية"، وفق ما تظهر المشاهد.
 
فحاضر اليمن لا يزال يُستنزف والمستقبل يبدو قاتمًا ومظلماً. 13 مليون طفل يحتاجون للمساعدة بحسب اليونيسف. فمتى انتهت الحرب يبدو أنّ هناك جيلاً ضائعاً، عاش طفولة مأساوية، حتى تدرّب على السلاح في مخيمات تابعة للحوثيين وتم غسل أدمغتهم ليصبحوا قنابل موقوتة تهدد المنطقة والعالم. فإذا كان جيل اليمن الجديد هو عبر أطفال لا يرتادون المدرسة وإن فعلوا فيُدرّسون مناهج دراسية حربية أو يتم رميهم في ساحات القتال، فهكذا ظروف لا بدّ أن ترسم معالم اليمن المستقبلي.
 
تقارير أممية ودوليّة كشفت لسنوات عن تورط مليشيات الحوثي في تجنيد عشرات الآلاف الأطفال في عمليات تعد "الأوسع في تاريخ البشرية". فالمشاهد التي تتسرّب من داخل ما يسمى "مراكز صيفية" لقيادات في ميليشيا الحوثي وهي تستدرج الأطفال أكبر مثال على ذلك.
 
كان تقرير فريق الخبراء الأممي، الصادر في يناير/كانون الثاني 2022، كشف عن مقتل 2000 طفل جندتهم ميليشيا الحوثي في أقل من سنتين. وقال التقرير الذي قدم لمجلس الأمن، إن الحوثيين مازالوا يقيمون معسكرات ويعقدون دورات لتشجيع الشباب والأطفال على القتال. فبحسب التقرير "تشكل المخيمات الصيفية والدورات الثقافية التي تستهدف الأطفال البالغين جزءاً من استراتيجية الحوثيين الرامية إلى كسب الدعم لأيدولوجيتهم، وتشجيع الناس على الانضمام للقتال".
 
وفي وقت سابق، كشف تحالف حقوقي يمني، عن تجنيد ميليشيات الحوثي المدعومة إيرانيًا، 12054 طفلاً في عدد من المحافظات خلال الفترة من مايو/ أيار 2014 وحتى مايو/ أيار 2021.
من المستغرب والمستنكر استمرار "الصمت الدولي" على عمليات التجنيد المفتوحة للأطفال التي تنفذها مليشيا الحوثي في المناطق الخاضعة لسيطرتها، والتي تتعارض مع دعوات وجهود التهدئة وإنهاء الحرب. تكشف هذه الممارسات الموقف الحقيقي للحوثيين من السلام، ومحاولاتها خلق جيل من "الإرهابيين يشكلون قنبلة موقوتة تهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي" وفق ما يقول وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني.
من جانبه، حذر علي العباب نائب وزير التربية اليمني من "تنامي تسرب الأطفال من المدارس ويصل عددهم إلى نحو 2،8 مليون طالب" ودعا "إلى تدخل عاجل من مجموعة المانحين والمنظمات الدولية للحفاظ على حق التعليم لليمنيين".


في إطار مشاهد استعراضية أخرى من داخل أحد المخيمات، كشفت ميليشيات الحوثي عن مخطط لتجنيد عشرات الألاف من طلبة المدارس في المعسكرات الصيفية التي أقامتها هذا العام وحشدت لها مئات الآلاف من طلبة المدارس. وبحسب "المركز الأميركي للعدالة" في تقرير بعنوان "صناعة العنف والكراهية" جاء فيه "إن محتوى المناهج التي تدرسها ميليشيات الحوثيين للأطفال في المراكز الصيفية تقدس الموت وتكرس ثقافة العنف وتدعو إلى الكراهية والتمييز العرقي والفرز المجتمعي".


وفيما تعمدت ميليشيات الحوثي نشر فيديوهات لتشكيلات من طلبة المدارس في عروض عسكرية, وتدريبات وتعبئة طائفية، أوضح تقرير "مركز العدالة الأميركي" أن 7 كتب تردس في المراكز الصيفية بينها 3 من تأليف بدر الدين الحوثي الأب، ونجله الأكبر محمد بدر الدين إضافة إلى ملخصات لمحاضرات حسين الحوثي.
 
ويكشف التقرير عن أن المراكز الصيفية تنقسم إلى نوعين:
 
القسم الأول/ المراكز المفتوحة: يتم فيها نشر ما يسمى بالثقافة الجهادية والمشاركة في الفعاليات والمناسبات الحوثية كزيارة مقابر قتلاها
 
القسم الثاني/ المراكز المغلقة: هي معسكرات تجنيد يتم فيها تهيئة الملتحقين من الطلبة وتدريبهم على الأسلحة والمتفجرات والأساليب القتالية.
 
بالخلاصة فإنّ بناء جيل يمني جديد بخطر. تبدأ الأزمة من الواقع الاجتماعي المأزوم في ظل غياب أبسط مقومات الحياة للأطفال وحقوقهم بالعيش واللعب والأمان في كنف عائلة متراصّة. ففي مناطق سيطرة الحوثي يتم بناء "جيل عسكري" وفي مناطق مخيمات النزوح "لا تعليم أو مدارس في المخيمات". بالنتيجة إذا استمر الوضع على حاله، يمكن تلخيص الوضع في اليمن بـ"جيل ضائع" سيشكل مستقبلا خطرا على اليمن والمنطقة. وهذا الجيل إن بقي ضائعًا، فسيحول المنطقة لقنبلة موقوتة في المستقبل القريب.