الصين قد تكون القطرة التي تفيض كأس أسعار النفط

العالم يتهيأ لأسعار أعلى للنفط في 2023

لا تزال أسعار النفط غير مستقرة، حيث تأرجحت خلال أسبوع واحد بين التراجع والارتفاع، معتمدة على الأنباء القادمة من الدول الأكثر استهلاكا في العالم ومن بينها الصين ثاني مستهلك للنفط عالميا والتي يرى محللون أنها ستكون السبب الرئيسي في ارتفاع جنوني للأسعار جراء تخفيف الإجراءات المشددة للحد من انتشار جائحة كورونا أو إلغائها.

الأوضاع في الصين تؤثر في أسعار النفط

واشنطن

 تراجعت أسعار النفط في وقت سابق من هذا الأسبوع إلى أدنى مستوياتها في العام الحالي مع ذعر أسواق الطاقة بشأن الطلب وسط فوضى كوفيد – 19 في الصين التي أدت إلى ظهور غير متوقع وغير عادي لاحتجاجات الشوارع وحتى دعوات لتنحي الرئيس الصيني شي جين بينغ.

وكانت استجابة السوق لهذا، وفقا لشركة أبحاث الطاقة ريستاد إنرجي، مبالغا فيها. وترى ريستاد أن سياسة الصين ضد كوفيد – 19 وموجتها الجديدة من عمليات الإغلاق لمواجهة الارتفاع في الحالات الجديدة لن يكون لها سوى تأثير طفيف على طلبها على النفط على المدى القصير.

وأصبح السوق متقلبا هذه الأيام، مع نسب تصل إلى أعلى مستوياتها على الإطلاق. والأربعاء الماضي، ارتفع خام برنت بنسبة تزيد عن 2.8 في المئة إلى 85.37 دولار للبرميل على الساعة 10:53 صباحا بتوقيت شرق الولايات المتحدة، وارتفع خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 3.45 في المئة إلى 80.90 دولار للبرميل.

ثم نسي سوق النفط فجأة مخاوف الصين على الرغم من تدهور الوضع هناك، وانقلب في منتصف الأسبوع لإعادة التركيز على حظر الاتحاد الأوروبي المعلق على النفط الروسي المنقول بحرا وسقف مجموعة السبع على خام الأورال الأسبوع المقبل.

ويقول المحلل الاقتصادي أليكس كيماني إنه كان من الممكن أن تكون المكاسب أعلى لولا الشائعات عن استعداد أوبك+ للمزيد من تخفيضات الإنتاج. وتعتمد أسواق النفط على الأخبار اليومية منذ وقت سابق من هذا العام، وهي غير قادرة على تحديد الأساسيات الحقيقية. حيث أصبحت الأساسيات الآن هدفا متحركا بسبب حرب روسيا على أوكرانيا، ودفعة أوبك+ المتجددة للسيطرة على الأسواق، وصناعة النفط الصخري الأميركية غير المتعاونة، وسياسة الصين لمجابهة فايروس كورونا المستجد.

كما أن بورصة وول ستريت تشهد حالة من الفوضى، وهي إما نعمة أو كساد بالنسبة إلى تجار السلع على أساس يومي. ويقترح المحللون أن التقلب كان سيكون أكبر بكثير دون أوبك. في دراسة جديدة نشرها كابسارك (مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية)، خفضت أوبك تقلب أسعار النفط بنسبة 50 في المئة خلال ذروة جائحة كوفيد – 19 بفضل إدارة طاقتها الفائضة. ويزعم التقرير أن تدخل أوبك عزز متوسط ​​أسعار النفط خلال الوباء من 18 دولارا إلى 54 دولارا للبرميل. ويعدّ هذا الآن بمثابة تبرير لقرار أوبك+ الأخير بخفض الإنتاج في وقت تسعى فيه واشنطن لزيادة الإنتاج لخفض الأسعار.

ومن المرجح أن تكون شائعات أوبك قد نجحت في منتصف الأسبوع في تهدئة انعكاس الخسائر في أسعار النفط بمجرد أن قررت السوق التخلي عن مخاوف الاثنين الماضي القادمة من الصين وإعادة التركيز على النفط الروسي.

وكما تلاحظ صحيفة "وول ستريت جورنال" فإن بورصة وول ستريت متفائلة بشكل عام فيما يتعلق بالنفط، حتى لو لم يكن ذلك بالضرورة يعكس الأسعار الحالية. فهي حالة "مراعاة الفجوة". ويسود اعتقاد بأن أسعار النفط ستكون أعلى بكثير في 2023.

وتوقع بنك غولدمان ساكس 110 دولارات للنفط للعام المقبل، لكنه يدرك عدم اليقين السوقي. والثلاثاء الماضي، قال جيف كوري، الرئيس العالمي لأبحاث السلع في غولدمان ساكس، إن التخفيضات الأخيرة لأسعار النفط كانت بسبب الدولار والصين.

وصرّح خلال مقابلة مع محطة "سي إن بي سي" قائلا "أولا وقبل كل شيء، يرجع الأمر إلى الدولار وثنائيته مع التضخم، حيث يطارد الكثير من المال القليل من البضائع".

وحول وضع وباء كورونا المستجد في الصين قال كوري "إنه كبير. إنه يساوي أكثر من تخفيضات أوبك لشهر نوفمبر. فلنضع الأمور في نصابها. ثم العامل الثالث هو أن روسيا تدفع بالبراميل إلى السوق الآن قبل الموعد النهائي في الخامس من ديسمبر قبل حظر التصدير".

وتوقع جي بي مورغان الآن 90 دولارا للنفط في 2023، أي بانخفاض عن توقعاته السابقة البالغة 98 دولارا، “على أساس أن الإنتاج الروسي سيعود إلى مستويات ما قبل الحرب تماما بحلول منتصف السنة". كما تعتقد شركة ريستاد إنرجي أن الانخفاض الأخير في أسعار النفط جاء بناء على الطلب الصيني المبالغ فيه.

وفي حين أنه من الصحيح أن أوبك ووكالة الطاقة الدولية خفضتا في نوفمبر تقديرات نمو الطلب على النفط لسنة 2023 بسبب ما يحدث في الصين، تعتقد ريستاد أن تأثير ذلك سيكون أقل بكثير مما طرحه ذعر السوق الاثنين الماضي.

وقال كلاوديو غاليمبرتي، نائب الرئيس الأول في شركة الاستشارات ومقرها النرويج، وفقا لما أوردته بلومبيرغ "قد تكون أسواق النفط خاطئة في تقدير أنباء إغلاق الصين. يبدو أنه أحدث قيودا تحاكي القيود السابقة، مع تأثر حركة المرور على الطرق على مستوى البلاد بشكل هامشي في حين أن المقاطعات المختارة التي تخضع لعمليات إغلاق شديدة نسبيا تحاول قمع تفشي مرض كوفيد - 19".

وبينما استمرت احتجاجات الشوارع في الصين وارتفعت معدلات الإصابة اليومية إلى أكثر من 40 ألفا الثلاثاء الماضي، فإن التأثير الإجمالي لا يساوي انخفاض أسعار النفط بنسبة 4 في

المئة كما حدث الاثنين الماضي. ويبدو أن وول ستريت تنظر إلى هذا على أنه مجرد "فجوة" وليس وضعا طويل الأمد من شأنه أن يحافظ على أسعار النفط بعيدا عن نطاق توقعات جي بي مورغان أو غولدمان ساكس.

وتلاحظ "وول ستريت جورنال" أن لخام برنت الذي سيُسلم في أغسطس القادم احتمالا بنسبة 46 في المئة بأن يكون أعلى من سعره الحالي بأكثر من 20 دولارا.

ويرى محللون أن تخفيف الصين لقواعد الحجر الصحي الخاص بكوفيد - 19 خلال أيام، سيمثل تحولا كبيرا في سياسة ثاني أكبر مستهلك للنفط في العالم إلا أن محللين يقولون إنه من المرجح عدم استئناف النشاط الاقتصادي بشكل ملموس إلا بعد شهور. ويرى كيماني أنه يمكن أن ينتهي الأمر بالصين بالفعل إلى أن تكون القطرة التي تفيض كأس أسعار النفط.

وقالت أمريتا سين، مديرة الأبحاث في إنرجي أسبكتس لوول ستريت جورنال إن "الطلب الصيني المرتفع بعد الكبت سيكون هائلا. يمكن أن يؤدي ذلك إلى تأرجح الطلب بما لا يقل عن مليون برميل يوميا، ويمكن أن يؤدي ذلك بسهولة إلى إحداث فرق بين توقعات سعر النفط من 95 دولارا إلى 105 دولارات مقابل 120 دولارا إلى 130 دولارا".

والجمعة، ارتفعت العقود الآجلة للنفط قبيل اجتماع لمنظمة البلدان المصدرة للبترول وحلفائها (أوبك+) غدا الأحد وحظر الاتحاد الأوروبي للخام الروسي اعتبارا من الاثنين المقبل.

وزادت العقود الآجلة لخام برنت 65 سنتا، أي 0.8 في المئة، إلى 87.53 دولار للبرميل بحلول الساعة 12:52 بتوقيت غرينتش. وارتفعت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 69 سنتا، أي 0.9 في المئة، إلى 81.91 دولار للبرميل.

وكان الخامان قد هبطا في وقت سابق لكنهما الآن في طريقهما لتحقيق أول مكاسب أسبوعية، وستكون هي الأكبر في شهرين عند نحو 4.5 في المئة و7 بالمئة على الترتيب، بعد انخفاضهما لثلاثة أسابيع متتالية.