فاعليته مرهونة باستخدامه «في الوقت المناسب»

أوروبا تترقب اعتماد «باكسلوفيد» في معركتها ضد الجائحة

شارع مكتظ بمشاة يلتزم غالبيتهم بارتداء الكمامات في بوردو الفرنسية

جنيف

تستعد المستشفيات والمراكز الصحية في أوروبا لتسلم الدفعات الأولى من دواء «باكسلوفيد» العلاجي ضد «كوفيد - 19» الذي تنتجه شركة «فايزر»، الذي أظهرت التجارب التي أجريت عليه فاعلية عالية ضد الإصابات الخطرة بالفيروس. وقالت الوكالة الأوروبية للأدوية بعد الموافقة على استخدامه بأنه «سلاح قوي في المعركة ضد الجائحة».

ويتكون هذا الدواء الذي يسوق على شكل أقراص من مضادين فيروسيين هما «ريتونافير» و«نيرمانرلفير»، وتصل فاعليته إلى 89 في المائة في خفض حالات الاستشفاء والإصابات الخطرة التي تقتضي العلاج في وحدات العناية الفائقة أو تؤدي إلى الوفاة. وكان ناطق بلسان الوكالة الأوروبية نوه أمس بمنافع هذا العلاج، لكنه نبه إلى أن فاعليته مشروطة باستخدامه «في حالات معينة وفي الوقت المناسب». واستنتج: «لن يستخدم على نطاق واسع ومكثف في المرحلة الراهنة»، إذ هو مقصور على المصابين المعرضين لخطر داهم بالانتقال إلى المرحلة الخطرة من المرض الناجم عن «كوفيد - 19».

ومن أبرز منافع هذا الدواء العلاجي أنه قابل للاستخدام في المنزل، ما يخفف الضغط على المستشفيات ومراكز الخدمات الصحية التي عادت نسبة كبيرة منها ترزح تحت وطأة الإصابات الجديدة التي يتسبب بها متحور «أوميكرون». ويقول الخبراء عن فاعليته ضد المتحور الجديد، إن البيانات المتوفرة حالياً لا تسمح بعد بتحديد قدراته الدفاعية في وجه هذا المتحور، لكن من المرجح أن يكون فاعلاً ضده كما هو ضد الطفرات الأخرى التي أجريت التجارب السريرية عليها.

ويقول أطباء شاركوا في متابعة التجارب السريرية لهذا الدواء العلاجي، إن الشرط الأساسي لضمان كامل فاعليته هو تناوله خلال الفترة التي تبدأ فيها الإصابة بالانتقال إلى المرحلة الخطرة من المرض، التي لا تتجاوز أربعة أو خمسة أيام، وإنه لو كان بالإمكان إعطاؤه على نطاق واسع لكان حاجزاً منيعاً في وجه تطور الجائحة. ويتوقع خبراء شركة «فايزر» الذين يعملون على تطويره أن يكون الجيل الثاني منه قابلاً للتعميم على كل المصابين بالفيروس.

تجدر الإشارة إلى أن «باكسلوفيد» ليس المضاد الفيروسي الوحيد الذي وافقت الوكالة الأوروبية للأدوية على استخدامه الطارئ، إذ إن المملكة المتحدة بدأت بتوزيع عقار «مولنوبيرافير» الذي تنتجه شركة «ميرك» الأميركية، لكن البيانات الأخيرة التي صدرت عن الشركة المنتجة كانت خفضت فاعلية هذا الدواء العلاجي إلى 30 في المائة، بعد أن كانت 50 في المائة عندما تمت الموافقة على استخدامه الطارئ.

ومن المنتظر أن تبدأ دول عدة، مثل الولايات المتحدة وكندا والمملكة المتحدة والمكسيك، اعتباراً من مطلع الشهر المقبل استخدام هذا الدواء الذي قال عنه الرئيس الأميركي، عندما أعلن مضاعفة المشتريات منه في بداية هذا العام، إنه سيشكل نقطة تحول في مسار الجائحة.

يذكر أن البيانات الأخيرة التي صدرت عن شركة «ميرك» بشأن الدواء العلاجي الذي طورته ضد «كوفيد - 19»، والذي كان الأول ضمن فئة العقارات التي تعطى عن طريق الفم خلال الأيام الخمسة الأولى بعد ظهور أعراض الإصابة بالفيروس، أحدثت خيبة في الأوساط الطبية من حيث التراجع الملحوظ في فاعلية، وأيضاً بسبب من القرائن السريرية الجديدة عن الآثار الجانبية التي تنشأ عنه وتحد من استخدامه.

وكان خبراء الوكالة الأميركية للأدوية وافقوا على استخدامه الطارئ بتأييد 13 عضواً واعتراض عشرة أعضاء، لكنهم أفادوا، بعد اطلاعهم مؤخراً على البيانات الأخيرة لشركة «ميرك» التي تنتج «مولنوبيرافير»، بأنهم ليسوا على يقين من أن هذا الدواء هو الذي كانوا ينتظرونه، لكنه الوحيد الذي كان متوفراً حينئذ. ومع ظهور الدواء الذي طورته وتنتجه «فايزر»، والبيانات المشجعة عن فاعليته العالية مقارنة بالآثار الجانبية التي تنجم عنه، سارعت دول عديدة إلى إبرام عقود لشرائه، وقالت الشركة إنها تتوقع المباشرة بتسليم الكميات المتعاقد عليها قبل نهاية الشهر الحالي.

ويقول بعض الخبراء إن ثمة جانباً يقتضي المراقبة عن كثب في الدواء العلاجي الذي تنتجه «فايزر»، وهي الآثار المحتملة التي يمكن أن تنجم عن التقنية المتطورة التي يقوم عليها، والتي لم تجرب كفاية بعد، وهي زرع أخطاء في الرمز الوراثي للحمض الريبي النووي (RNA) للفيروس لمنعه من التكاثر. ومن هذه الآثار احتمال انتقال القدرة على تحوير الجينات إلى سلاسل الحمض النووي (DNA) السليم لدى الأشخاص الذين يخضعون للعلاج بهذا الدواء، وهذا هو السبب الأساسي الذي أدى إلى منع استخدام هذا العلاج لدى الحوامل أو النساء الراغبات في الإنجاب.