الحزب المفترض للرئيس التونسي يواصل التقدم في استطلاعات الرأي

هل يؤسس قيس سعيد حزبا لدعم مسار تنفيذ مشروعه السياسي

سعيد يحافظ على شعبيته

تونس

يُثير الصعود المستمر في استطلاعات الرأي لحزب الرئيس قيس سعيد وهو حزب ليس له أي وجود مادي أو قانوني جدلا واسعا في الشارع التونسي.

فسعيد لا يؤمن بالأحزاب، إلا أن أوساطا تونسية تشير إلى أنه قد يلجأ إلى تأسيس حزب لتوضيح ملامح مشروعه السياسي الذي ينوي طرحه على استفتاء شعبي في وقت لاحق.

وكشف استطلاع للرأي أجرته مؤسسة “سيغما كونساي” ونُشر الثلاثاء في جريدة “المغرب” المحلية أن حزب الرئيس سعيد احتل المرتبة الثانية في نوايا التصويت للتشريعية بنسبة 30.7 في المئة خلف الحزب الدستوري الحر الذي تتزعمه عبير موسي والذي تصدر النوايا بـ32.2 في المئة.

وفي نوايا التصويت للانتخابات الرئاسية واصل سعيد التحليق في الصدارة بلا منافس تقريبا حيث بلغت نوايا التصويت له 89.4 في المئة.

وتزايد في الآونة الأخيرة ظهور أعضاء الحملة التفسيرية للرئيس سعيد في الإعلام المحلي في محاولة لتفكيك مشروع نظام الحكم الذي يريد إرساءه لدى عامة التونسيين، لكن هذا الظهور قد لا يفي بالغرض وفقا لمراقبين ما يجعله في حاجة إلى حزب، بالرغم من المآخذ التي يبديها حيال المنظومة الحزبية لتفسير النظام السياسي الذي يطمح إلى وضعه.

ويرى سعيد أن الأحزاب في تونس كرست المحاصصة ومنحت الأولوية لمصلحتها على حساب الشعب وهو ما جعله يتبنى النظام المجالسي الذي يقوم على ما يسمى بالبناء القاعدي أي من المحلي إلى المركزي.

وقال المحلل السياسي خليل الرقيق إن “الرئيس سعيد قد يقوم بحركة سياسية لاستثمار حالة الزخم السياسي الكبير، فالوقت قد حان لبلورة مشروع قيس سعيد النهائي وتقديمه إلى المواطنين في شكل حركة تستثمر نجاحه في تحقيق شعبية كبيرة تترجم في عملية انتخابية”.

وأوضح الرقيق في تصريح لـ”العرب” أن “هذه الحركة موجودة لدى التونسيين نظريا، فهم سيصوتون لكل من سيتقدم للانتخابات باسم قيس سعيد لكن هذا يصطدم بقناعات رئيس الجمهورية والدائرة المقربة منه الذين يرون أن البناء الجديد يقوم على أنقاض الأحزاب التقليدية والعمل الحزبي التقليدي ولهم موقف كامل تجاه فشل الأحزاب في تلبية تطلعات المواطنين”.

وفي المقابل تنفي أوساط أخرى توجه سعيد إلى تأسيس حزب سياسي يطرح أفكاره ورؤيته لنظام الحكم وذلك بسبب قناعات سعيد الذي صعد إلى دفة الرئاسة كمستقل ويريد نظاما سياسيا مجالسيا يهمش بشكل كبير الأحزاب السياسية التي يرفض التحاور معها أصلا.

وقال حسن الزرقوني مدير مؤسسة “سيغما كونساي” التي أجرت الاستطلاع إن “سعيد لن يشكل حزبا سياسيا، هو يرفض ذلك ويعتبر أن الأحزاب تغلب مصلحتها الضيقة وبالتالي لا أعتقد أنه سيؤسس حزبا”.

وتابع الزرقوني في تصريح لـ”العرب” أنه “حتى في حملته الانتخابية اقترح طريقة انتخاب تقوم على الأفراد والأسماء ما يقضي على الوجود الحزبي سواء في البرلمان أو في المجالس المحلية، النسبة التي وضعناها هي بلورة للرأي العام وليست ماكنة حزبية بصدد التشكل في غرف”.

وأضاف في محاولة للرد على الجدل الذي تفجر حول سبب وجود “حزب قيس سعيد” الذي لا أثر قانونيا أو ماديا له في استطلاعات الرأي “نحن نطرح سؤالا تلقائيا: إذا ستنتظم الانتخابات غدا لمن ستصوت؟ الإجابات أيضا تكون تلقائية، ليس لقيس سعيد حزب ولكن 30 في المئة من التونسيين، وهي نسبة لا يمكن تجاهلها أو التعتيم عليها، يقولون إنهم ينوون التصويت لحزب قيس سعيد”.

ويأتي ذلك في وقت تعرف فيه تونس مسارا سياسيا انتقاليا منذ إعلان سعيد عن إجراءات استثنائية في الخامس والعشرين من يوليو الماضي بعد تفعيله للفصل 80 من الدستور والذي جمّد بمقتضاه عمل واختصاصات البرلمان وحل الحكومة ورفع الحصانة عن النواب البرلمانيين.

ولاقت تلك الخطوة ترحيبا واسعا في الشارع لكن خصومه وعلى رأسهم حركة النهضة الإسلامية أعربوا عن رفضها، معتبرين أنها انقلاب قبل أن يتزايد انقسام الشارع إثر تعليق الرئيس سعيد العمل بأغلب فصول الدستور ليمهد لتغيير نظام الحكم.

وقال سعيد إنه سيقيم حوارا مع الشباب يستهدف تدارس تغيير نظام الحكم والقانون الانتخابي ويُستثنى منه الفاسدون ومن باعوا ذممهم إلى الخارج، وفق قوله.

وبحسب ما أعلنه سعيد قبل أيام فإنه سيتم بعد هذا الحوار الذي سيكون متوازيا افتراضيا ومباشرة القيام باستفتاء شعبي على نظام الحكم الذي سيقع اقتراحه على التونسيين.

وبالرغم من ذلك يبدو أن الرئيس سعيد قد حسم أمره باقتراح نظام حكم مجالسي يقوم على البناء من المحلي إلى المركز في سياق ما يسميه بإعادة السلطة إلى الشعب.

وهذا النظام بحسب ما ألمح إليه سعيد ومقربون منه مرارا يقوم على انتخاب مجالس محلية، ومن ثم مجالس جهوية تتولى بدورها انتخاب مجلس وطني (البرلمان)، ويرافق هذا تعديل للنظام الانتخابي بالانتقال إلى الاقتراع على الأفراد بدل الاقتراع على القائمات ما يكرس قربا بين الناخب وممثله.