الصين تدعم استئناف المفاوضات النووية الإيرانية

بكين

 

أعرب وزير الخارجية الصيني، وانج يي، في اتصال هاتفي مع نظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، عن دعم بكين لإحياء المفاوضات الخاصة بالاتفاق النووي الإيراني. ووفقاً لبيان نشر على الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية الصينية، قال وانج إن بكين تتفهم الموقف الإيراني بشأن المسألة النووية المتمثل في الدفاع عن المصالح الوطنية، وتود العمل مع كل الأطراف في الترويج للسلام الإقليمي والاستقرار من خلال تسهيل المحادثات.
وتتابع الأوساط السياسية في الغرب عن كثب أي تصريحات تصدر عن إيران والصين وروسيا حول التطورات في المحادثات الرامية إلى إحياء اتفاق عام 2015، الذي يحد من الأنشطة النووية في إيران مقابل تخفيف العقوبات الدولية عليها، بحسب ما ذكرته وكالة «بلومبرغ» للأنباء.
وتم تجميد المفاوضات النووية منذ انتخاب إبراهيم رئيسي لتولي الرئاسة الإيرانية في يونيو (حزيران) الماضي، لكن تم استئناف الجهود الأسبوع الماضي، لإيجاد سبيل للعودة إلى طاولة المفاوضات غير المباشرة بين إيران والولايات المتحدة، في فيينا.
من جهة أخرى، أبدى وزير خارجية الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، «استعداده» لاستقبال مسؤولين إيرانيين في بروكسل، قائلاً: «أعلم أن الإيرانيين يريدون في شكل ما محادثات مسبقة معي بوصفي منسقاً، ومع بعض الأعضاء الآخرين في مجلس». وقال بوريل أمام صحافيين في واشنطن: «أنا مستعد لذلك، لكن الوقت ينفد» لإنقاذ الاتفاق، ودعا طهران إلى عدم إضاعة مزيد من الوقت والعودة إلى طاولة المفاوضات حول برنامجها النووي.
وفي ختام زيارة إلى واشنطن، رفض بوريل اللجوء إلى خطط بديلة تطرقت إليها واشنطن أو خيارات عسكرية لوّحت بها إسرائيل هذا الأسبوع في مواجهة انسداد أفق الجهود الدبلوماسية لإنقاذ الاتفاق النووي المبرم عام 2015، بهدف منع إيران من امتلاك سلاح نووي.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الإيرانية إن «الجانبين توافقا على مواصلة المحادثات» في بروكسل «خلال الأيام المقبلة». وأعربت له عن «شكوك جدية حول رغبة الأميركيين في الوفاء بتعهداتهم». كما زار مفاوض الاتحاد الأوروبي المكلف بالملف، أنريكي مورا، طهران، الخميس، حيث حضّ الحكومة الإيرانية على استئناف المفاوضات المعلقة منذ انتخاب الرئيس الإيراني الجديد في يونيو.
وأضاف بوريل: «لا يمكنني أن أعطي تاريخاً محدداً. أنا مستعد لاستقبالهم إذا كان ذلك ضرورياً»، علماً بأنه أجرى محادثات، الخميس، في واشنطن مع وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن. وتابع: «لا أقول إن الأمر ضروري جداً، ولكن عليّ أن أبدي نوعاً من الصبر الاستراتيجي في هذا الصدد، لأنه لا يمكن أن نسمح لأنفسنا بالفشل». وقال بوريل: «أتفهم أن الحكومة الإيرانية الجديدة بحاجة للوقت لدرس الملف، لكن هذا الوقت مر، وآن أوان للعودة إلى طاولة المفاوضات». وأضاف: «لا أريد أن أفكر في خطط بديلة، لأنه لا توجد خطة بديلة يمكن أن أفكر فيها ستكون خطة جيدة». وتابع: «الطريقة الوحيدة لمنع إيران من أن تصبح دولة نووية هي العودة إلى الاتفاق».
وكانت واشنطن إبان رئاسة دونالد ترمب قد انسحبت أحادياً من الاتفاق الدولي عام 2018 وأعادت فرض عقوبات على طهران. في المقابل، تنصلت إيران تدريجياً من القيود المفروضة على برنامجها النووي بموجب الاتفاق. وأبدى الرئيس الأميركي الحالي جو بايدن استعداده للعودة إلى الاتفاق، في حال عادت إيران في موازاة ذلك إلى الالتزام بتعهداتها.
وكانت محادثات فيينا غير المباشرة بين واشنطن وطهران بدأت في أبريل (نيسان)، عبر وساطة الأطراف الآخرين الذين وقعوا الاتفاق، أي الصين وروسيا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والاتحاد الأوروبي. لكن المفاوضات متوقفة منذ يونيو الماضي. يتزايد نفاد صبر الغربيين يوماً بعد آخر لأن إيران لم تحدد بعد موعداً لعودتها إلى فيينا.
من جانبها، دعت فرنسا أيضاً، الجمعة، إيران إلى الإسراع في وضع حد لكل انتهاكاتها «ذات الخطورة غير المسبوقة» للاتفاق الدولي المتعلق ببرنامجها النووي. وقالت المتحدثة باسم الخارجية الفرنسية إن «هناك حاجة ملحة لأن تستأنف إيران سريعاً التعاون الكامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تضع حداً لكل الأنشطة ذات الخطورة غير المسبوقة التي تُواصلها، في انتهاك لـخطة العمل الشاملة المشتركة»، وهو الاسم الرسمي للاتفاق النووي.
والولايات المتحدة التي كانت ترفض حتى الآن التفكير في خيارات أخرى غير استئناف المفاوضات حول هذا الملف، غيّرت لهجتها هذا الأسبوع. وقال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في مؤتمر صحافي، إن واشنطن تعتبر أن «الحل الدبلوماسي هو السبيل الأفضل». لكنه أشار بحزم أكبر من السابق إلى أن واشنطن لن تنتظر فترة طويلة لاستئناف المباحثات المعلقة، معتبراً أن «الحوار يتطلب طرفين ولم نلمس في هذه المرحلة نية لدى إيران. نحن جاهزون للجوء إلى خيارات أخرى إن لم تغير إيران مسارها».
وتوصلت إيران وست قوى كبرى - هي الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا، والصين، وألمانيا - إلى اتفاق عام 2015 بشأن برنامج طهران النووي، أتاح رفع كثير من العقوبات المفروضة على إيران، في مقابل تقييد أنشطتها النووية وضمان سلمية برنامجها.
إلا أن مفاعيل الاتفاق باتت في حكم اللاغية منذ قررت الولايات المتحدة الانسحاب أحادياً منه عام 2018 في عهد ترمب، الذي أعاد فرض عقوبات صارمة على طهران. من جهتها، قامت الأخيرة بعد نحو عام من الانسحاب الأميركي، بالتراجع تدريجياً عن تنفيذ غالبية التزاماتها الأساسية بموجبه.