إجلاء نحو 50 ألف شخص خلال الأيام العشرة الماضية

واشنطن وحلفاؤها يسابقون الزمن لإتمام عمليات الإجلاء من أفغانستان

عمليات إجلاء شاقة

كابول

سرعت الولايات المتحدة وحلفاؤها الثلاثاء من وتيرة عمليات الإجلاء من أفغانستان قبل انتهاء المهلة التي لا ترغب حركة طالبان المتشددة التي أحكمت سيطرتها مؤخرا على البلاد في تمديدها والتي تنتهي بنهاية أغسطس الجاري.

وبسبب الفوضى التي يشهدها محيط مطار كابول ما يهدد بعرقلة عمليات إجلاء موظفين أوروبيين يواجه الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطا متزايدة للتفاوض على إتاحة المزيد من الوقت لإجلاء الآلاف من العالقين. لكن الرئيس الأميركي اتفق مع توصية من وزارة الدفاع (البنتاغون) الثلاثاء على الالتزام بمهلة الانسحاب بحلول الواحد والثلاثين من أغسطس.

وسادت حالة من الفوضى شابها العنف أحيانا في المطار، إذ تحاول القوات الغربية وحراس الأمن الأفغان إبعاد الحشود الراغبة في الفرار من البلاد بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة الأفغانية في الخامس عشر من أغسطس.

وصرح دبلوماسي في حلف شمال الأطلسي بأن دولا مختلفة قامت بإجلاء نحو 50 ألف شخص خلال الأيام العشرة الماضية وتحاول الانتهاء من الأمر قبل انقضاء المهلة المحددة لسحب القوات الأجنبية في الواحد والثلاثين من أغسطس.

وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه “يعمل كل فرد من القوات الأجنبية بوتيرة تشبه حالة الاستعداد للحرب كي لا يفوت الموعد النهائي”. وحذر بايدن، الذي ذكر أن القوات الأميركية قد تظل في البلاد بعد انقضاء المهلة، من أن الإجلاء سيكون “صعبا ومؤلما”، مضيفا أن أخطاء كثيرة قد تقع.

وقال آدم شيف رئيس لجنة المخابرات في مجلس النواب الأميركي للصحافيين بعد إفادة بشأن أفغانستان قدمها مسؤولون في المخابرات إنه لا يعتقد أن الإجلاء سيكتمل في غضون الأيام الثمانية الباقية.

وأضاف “أرى أن الأمر ممكن، لكن الاحتمال ضعيف جدا نظرا لعدد الأميركيين الذين يتعين إجلاؤهم”.

وقال مسؤول في طالبان إنه لن يتم تمديد المهلة، وإن كان قد أشار إلى أن القوات الأجنبية لم تطلب تمديدا. وقالت واشنطن الثلاثاء إنه لا يوجد تغيير على مستوى إتمام خطة الانسحاب.

وذكر رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون “سأطلب من أصدقائنا وحلفائنا الوقوف بجانب الشعب الأفغاني وتكثيف الدعم للاجئين والإغاثة الإنسانية”.وكتب على تويتر “سنحكم على طالبان بأفعالها لا بأقوالها”.

وصرح وزير الدفاع البريطاني بن والاس لقناة “سكاي نيوز” الإخبارية بأنه يشك في إمكانية تمديد المهلة “ليس بسبب ما قالته طالبان فحسب، لكن إذا نظرنا أيضا إلى تصريحات الرئيس بايدن العلنية.. فأعتقد أن هذا غير مرجح”.

ويخشى الكثير من الأفغان التعرض لأعمال انتقامية والعودة إلى  التفسير المتشدد للشريعة الإسلامية الذي طبقته طالبان عندما سيطرت على السلطة من عام 1996 إلى 2001، لاسيما في ما يتعلق بقمع النساء وحرية التعبير.وقالت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشيليت إنها تلقت تقارير موثوقا بها عن انتهاكات خطيرة على يد حركة طالبان تشمل إعدام مدنيين خارج نطاق القضاء وقيودا على النساء.

ورغم ذلك عاد الآلاف من الأفغان إلى منازلهم في الأقاليم بعد أن علموا أن الوضع هناك “هادئ نسبيا” حسبما قال الدبلوماسي في حلف شمال الأطلسي، محذرا في الوقت ذاته من ندرة التقارير الاستخباراتية والأمنية الواردة من المناطق النائية في أفغانستان.

وذكرت هيئة الإذاعة الأسترالية الثلاثاء أن أستراليا أجلت أكثر من 50 من المشاركات الأفغانيات في الألعاب البارالمبية لذوي الاحتياجات الخاصة والرياضيات وذويهن بعد تأمين تأشيرات لهم.

وبدأ قادة طالبان، الذين سعوا لإظهار وجه أكثر اعتدالا منذ السيطرة على كابول في الخامس عشر من أغسطس محادثات بخصوص تشكيل حكومة تضمنت مناقشات مع بعض الخصوم القدامى من حكومات سابقة مثل الرئيس الأفغاني الأسبق حامد كرزاي. وذكرت وكالة بجواك للأنباء الثلاثاء أن حركة طالبان الأفغانية عينت وزيرا جديدا للمالية ومديرا للمخابرات وقائما بأعمال وزير الداخلية.

وقالت الوكالة إن جول أغا سيتولى وزارة المالية في حين سيكون صدر إبراهيم قائما بأعمال وزير الداخلية. وعينت الحركة نجيب الله مديرا للمخابرات بينما سيكون الملا شيرين حاكما لكابول وحمدالله نعماني رئيسا لبلدية العاصمة.

وسيكون لاعتراف دول بحكومة طالبان عواقب مهمة مثل السماح للحركة بالحصول على المساعدات الأجنبية التي كانت تعتمد عليها الحكومات الأفغانية السابقة. وسيواجه بايدن ضغوطا من زعماء آخرين لتمديد الموعد النهائي لإتمام الانسحاب من أفغانستان في الواحد والثلاثين من أغسطس.

وقالت فرنسا إن هناك حاجة لمزيد من الوقت، وقال وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الاثنين إن مجموعة السبع بحاجة إلى النظر فيما إذا كانت ستبقى بعد ذلك التاريخ.

وتعرض بايدن لانتقادات على نطاق واسع بسبب الانسحاب الذي حدد موعده مبدئيا سلفه الجمهوري دونالد ترامب بموجب اتفاق أبرمه مع طالبان، وأظهرت استطلاعات الرأي تراجعا في شعبيته.

ومن جانبه يكافح الجيش الأميركي القوي مع انهيار القوات الأفغانية المدعومة من الولايات المتحدة بعد 20 عاما من التدريب. وكتب الجنرال ديفيد بيرغر، قائد سلاح مشاة البحرية، في مذكرة لمشاة البحرية “هل كان الأمر يستحق ذلك؟ نعم. هل لا يزال مؤلما؟ نعم”.