أزمات إيران في مرآة إعلام النظام: تصدع الوحدة الظاهرية أمام زلزال اقتصادي وبيئي واجتماعي
أزمات إيران في مرآة إعلام النظام: تصدع الوحدة الظاهرية أمام زلزال اقتصادي وبيئي واجتماعي
في الأول من ديسمبر، ورغم محاولات إعلام النظام الإيراني إخفاء عمق الأزمات المتلاحقة خلف ستار من الدعوات الظاهرية لـ “الوحدة”، إلا أن القلق من انهيار الانسجام الداخلي وتصاعد السخط الشعبي يطفو على السطح بوضوح. فبينما تحاول صحف مثل “رسالت” تصوير الوحدة كـ “ضرورة أمنية” تحت راية خامنئي، تكشف صحف أخرى، حتى تلك المحسوبة على التيارات المتشددة، عن واقع مغاير تماماً.
أزمات إيران في مرآة إعلام النظام: تصدع الوحدة الظاهرية أمام زلزال اقتصادي وبيئي واجتماعي
في الأول من ديسمبر، ورغم محاولات إعلام النظام الإيراني إخفاء عمق الأزمات المتلاحقة خلف ستار من الدعوات الظاهرية لـ “الوحدة”، إلا أن القلق من انهيار الانسجام الداخلي وتصاعد السخط الشعبي يطفو على السطح بوضوح. فبينما تحاول صحف مثل “رسالت” تصوير الوحدة كـ “ضرورة أمنية” تحت راية خامنئي، تكشف صحف أخرى، حتى تلك المحسوبة على التيارات المتشددة، عن واقع مغاير تماماً.
فمن الانتقادات الحادة لحكومة بزشكيان واتهامات “التغلغل” في صحيفة “كيهان”، إلى التحذيرات من خطر التيارالمتطرف الذي “تجاوز القائد” في صحيفة “آرمان ملي”، تتضح معالم شرخ سياسي عميق. وفي الوقت الذي يدعو فيه رئيس السلطة القضائية، محسني إيجه إي، للتصدي لمن أسماهم بـ “المتحولين” الذين ينكرون الدستور، ينشغل المتحدث باسم الخارجية بنفي شائعات تافهة حول “حلوى ومكسرات” فريق ظريف التفاوضي، في محاولة بائسة لحرف الأنظار عن الأزمات الحقيقية.

خامنئي بين الإنكار والحقيقة: الفساد هو نظام الحكم نفسه
لم يعد الحديث عن الفساد في إيران مجرّد اتهام سياسي أو خطاب معارضة، بل تحوّل إلى حقيقة يعترف بها حتى أركان النظام نفسه. ففي أبريل 2023، اضطرّ الولي الفقيه علي خامنئي إلى الإقرار بوجود ما وصفه بـ«تنين الفساد ذي الرؤوس السبعة» الذي يعيث فسادًا في مؤسسات الدولة، لكنه سارع إلى التنصّل من المسؤولية قائلًا: «من يقول إن الفساد أصبح سيستميًا فهو مخطئ!». وبعد عامين، وتحديدًا في مايو 2025، كرّر العبارة نفسها مدّعيًا أن «الفساد الممنهج لا وجود له في الجمهورية الإسلامية»
لكن الواقع الميداني، كما تعكسه حتى التقارير الرسمية، يرسم صورة قاتمة لأزمات اقتصادية طاحنة، وكوارث بيئية مدمرة، وانهيار اجتماعي متسارع، كلها نتاج طبيعي لبنية نظام قمعي وغير كفء.
الزلزال الاقتصادي.. فقر، تضخم، وانهيار معيشي
تشير تقارير الصحف الإيرانية إلى أن الاقتصاد يمر بمرحلة حرجة، حيث يتلازم الركود مع التضخم في ظاهرة “ركود تضخمي” خانقة. تحذر صحيفة “توسعه ايراني” من “إفقار المزيد من العمال“، مشيرة إلى أن الزيادة المقترحة في الرواتب بنسبة 20% للعام المقبل لا تتناسب إطلاقاً مع التضخم الحقيقي الذي يتجاوز أضعاف هذا الرقم، حيث ارتفعت أسعار بعض السلع الأساسية والخدمات بنسبة 100% أو أكثر. وتتوقع صحيفة “بهار نيوز” موجة تضخمية جديدة قد تتجاوز 70% إلى 100% نتيجة الاحتمال القوي لإلغاء “الدولار التفضيلي” (سعر صرف مدعوم للسلع الأساسية)، مما سيوجه ضربة قاصمة أخرى للقدرة الشرائية للمواطنين.
وفي سياق متصل، تدق صحيفة “ستاره صبح” ناقوس الخطر بشأن التداعيات التضخمية لفرض “سعر ثالث” للبنزين، مؤكدة أن هذا القرار سيشعل الأسعار في كافة القطاعات. كما تعبر صحيفة “دنيای اقتصاد” عن قلقها من أن أي زيادة في أسعار الديزل ستوجه ضربة قاصمة لقطاع التجارة والنقل، مما يهدد بفقدان إيران لميزتها التنافسية في التجارة الدولية.
وتحت عنوان “غياب العدالة في توزيع الثروة”، تكشف صحيفة “جهان صنعت” عن تثبيت معدل الفقر عند 30%، مما يعني أن حوالي 25 مليون إيراني يعيشون تحت خط الفقر. وتشير الصحيفة إلى تعمق عدم المساواة وانهيار الطبقة الوسطى، مؤكدة أن رفع العقوبات وحده لن يحل الأزمة طالما بقي الهيكل الاقتصادي الريعي والفساد المستشري دون إصلاح جذري. ويضيف عباس عبدي في صحيفة “اعتماد” أن الاقتصاد الإيراني يعاني من حالة “تضخم وركود” متزامنة، حيث سجل النمو الاقتصادي تراجعاً سلبياً في ربيع وصيف العام الحالي، بينما يعود التضخم إلى مستوياته المقلقة لعام 2022.
وفي ظل حالة “اللاحرب واللاسلم” التي تلت التوترات الأخيرة ، تشير صحيفة “آرمان ملي” إلى أن عدم اليقين الاقتصادي يدفع المستثمرين للحذر، بينما يؤدي استمرار التوترات إلى زيادة الإنفاق الدفاعي على حساب ميزانيات التنمية والرفاهية، مما يفاقم الضغوط على الحكومة لتأمين الموارد المالية.
وتحت عنوان “نشتري غالياً ونرمي”، تسلط صحيفة “جوان” الضوء على الهدر الهائل في الموارد، مشيرة إلى أن إيران من أكثر الدول هدراً للمياه والطاقة والغذاء، حيث يُفقد سنوياً ما يقرب من 150 مليار دولار من موارد النفط والغاز بسبب التقنيات القديمة وسوء الإدارة.

واشنطن تايمز:إيران على أعتاب “الإفلاس المائي” بسبب فساد “مافيا المياه”
أبرزت صحيفة “واشنطن تايمز” الأمريكية أن إيران، بسبب سوء الإدارة المزمن لـ الولي الفقيه، تقف على أعتاب “إفلاس مائي” كارثي. ونقلاً عن تقرير صادر عن “منتدى الشرق الأوسط”، دخل النظام الإيراني حالة “إفلاس مائي دائم
الكارثة البيئية والاجتماعية.. حرائق، تلوث، وانهيار تعليمي
تتجاوز الأزمة الحدود الاقتصادية لتطال البيئة والمجتمع بشكل مدمر. ففي الجانب البيئي، تنتقد صحيفة “بهار نيوز” بشدة تقاعس الأجهزة الحكومية ونقص المعدات في مواجهة حرائق غابات هيركاني، متسائلة عن الأولويات الخاطئة للنظام الذي ينفق المليارات على مؤسسات غير منتجة بينما تعجز عن توفير طائرات إطفاء. ويهاجم النائب السابق غلام علي جعفرزاده أيمن آبادي المسؤولين، مشيراً إلى أنهم يفتقرون للفهم الصحيح للبيئة، وأن البلاد تواجه أزمة وجودية: “لا ماء، لا هواء، لا تربة”. وتؤكد صحيفة “خبرآنلاین” أن طهران انضمت إلى قائمة أكثر 10 مدن تلوثاً في العالم، مما يهدد صحة الملايين.
اجتماعياً، ترسم الصحف صورة قاتمة لانهيار النسيج الاجتماعي. ففي تقرير صادم، تكشف صحيفة “شرق” عن تسرب 950 ألف طالب من المدارس، محذرة من أن التحول إلى التعليم الافتراضي بسبب إغلاق المدارس (سواء بسبب التلوث أو غيره) قد أدى إلى زيادة استغلال عمالة الأطفال، خاصة في المناطق المحرومة. وتشير صحيفة “بهار نيوز” إلى أن معدل الاكتئاب في المجتمع الإيراني وصل إلى 13%، وهو ضعف المتوسط العالمي، محذرة من العواقب الاجتماعية الوخيمة لهذا الوضع على القوى العاملة والأسر والطلاب.
وفي كشف آخر عن التمييز الممنهج، تفضح صحيفة “جهان صنعت” وجود “فصل عنصري رقمي”، حيث يتم تزويد المسؤولين بشرائح اتصال “بيضاء” تتيح لهم إنترنت غير مفلتر، بينما يعاني المواطنون العاديون من الحجب والرقابة، مما يعكس سياسة تمييزية صارخة حتى في الوصول إلى المعلومات.