الحقيقة أکبر من أکاذيب النظام الإيراني!
نظام مير محمدي
الاصداء الکبيرة والواسعة لإتفاق غزة والذي تم إستقباله بترحيب ملفت للنظر من قبل مختلف دول وشعوب العال...
الاصداء الکبيرة والواسعة لإتفاق غزة والذي تم إستقباله بترحيب ملفت للنظر من قبل مختلف دول وشعوب العالم وفي مقدمتهم الشعب الفلسطيني وأهالي غزة بشکل خاص، کانت بمثابة صفعة قوية بوجه النظام الإيراني الذي کان يحاول وعلى العکس تماما من دول العالم کلها، يدعو لإستمرار الحرب وعدم توقفها، لکن التوقيع على الاتفاق في القاهرة قد ألقم في فم مسٶولي النظام حجرا وکشف عن کونهم کغراب البين الذي ينعق لوحده!
الاستقبال العالمي منقطع النظير للإتفاق المذکور، وضع النظام الإيراني في موقف حرج بحيث أظهره وکطرف وحيد يسعى من أجل إراقة الدماء وإنتشار الدمار وهو الامر الذي جعل النظام رغما عن أنفه أن يتدارك موقفه المشبوه الذي يجسد ما هيته العدوانية الشريرة، وطفق ومن أجل أن يرکب الموجة يسعى من أجل صياغة عبارات يسعى من خلالها التغطية على مواقفه السابقة.
وسائل إعلام النظام وسيرا على الاسلوب المکشوف بالانصياع للأمر الواقع عندما لا يکون هناك من أي مجال للمراوغة والتمسك بموقف مشبوه ليس له من أي صدى وإنعکاس في الواقع، فإنها تحاول جهد الامکان التغطية على الموقف المخزي للنظام ومن إنه کان يريد إحقاق حقوق الشعب الفلسطيني ولاسيما أهالي غزة في الوقت الذي کان الجميع يرون بأنه الوحيد الذە کان يحرص ليل نهار على النفخ في نيران الحرب لتستعر وتشتد أکثر.
مسٶولوا النظام الإيراني ووسائل إعلامهم البائسة، يسعون اليوم للعمل من عکس مواقف جديدة لهم تبين تضامنهم مع أهالي غزة في وقت کانوا بالامس القريب يٶکدون بأن قتل الالاف والدمار الحاصل في غزة أمر تبرره عدالة القضية على حد زعمهم، وهم بذلك کانوا يبررون لإستمرار الحرب وعدم القبول بمساعي السلام ووقف إراقة الدماء وهکذا موقف سفيه لا يمکن أن ينسى وسيبقى کوصمة عار على جبين مسٶولي هذا النظام.
لکن من المفيد هنا الإشارة الى إن الموقف المتشدد المشبه لهذا النظام والذي کان يدعو لإستمرار الحرب في غزة وعدم الاهتمام للموت والدمار الحاصل، إنما کان بسبب من خوفه الشديد من الآثار والتداعيات السلبية لوقف إطلاق النار وإستتباب السلام والأمن على أوضاعه في المنطقة عمومًا وفي داخل إيران خصوصًا، لأنه کان ولازال يسعى من أجل إستخدام الاوضاع في المنطقة ولاسيما الحروب والازمات التي تحدث فيها بسبب منه، من أجل ضمان بقائه وتقوية موقفه أمام الشعب الرافض له.
نهاية الحرب في غزة، منعطف غير مسبوق يواجهه النظام على صعيد إستغلاله للقضية الفلسطينية من أجل تحقيق أهدافه وغاياته المشبوهة، وهو وکما ستظهر الايام القادمة ستضع حدا لمساعيه المشبوهة وتنهي حلمه المريض.
مفارقة السلام وبقاء النظام!
إن ترحيب نظام ولاية الفقيه بالأزمات وإشعال الحروب له سوابق ممتدة منذ زمن الخميني؛ لأن هذا النظام يرى بقاءه في الحرب والأزمة. فالأمن والسلام، من وجهة نظر هذا النظام، يمثلان مفارقة (بارادوكس) شديدة التناقض تعني نفي كيان النظام وسقوطه. هذه العقيدة ذاتها هي التي جعلت خنجر الخيانة لقضية الشعب الفلسطيني أمراً مسبوقاً في هذا النظام.
ولإثبات هذا العداء، هل نحتاج دليلاً أقوى من تصويت النظام الإيراني بالرفض على "إعلان نيويورك" في اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة بتاريخ 12 أيلول / سبتمبر 2025؟ لقد قُوبِل هذا القرار، الذي يدعم حل الدولتين وتم تبنيه بـ 142 صوتاً مؤيداً، بالرفض الصريح من قِبل النظام.
كما تُظهر الشواهد الراهنة أن عداء خامنئي للسلام ليس مجرد سياسة تاريخية، بل هو نهج يومي؛ لدرجة أن لا تكاد توجد صحيفة أو موقع إلكتروني تابع للحكومة لم ينشر مقالاً أو تقريراً ضد مؤتمر شرم الشيخ، الذي قوبل بترحيب عالمي. إن هذا الهجوم الإعلامي الشامل هو بمثابة تأكيد على أن النظام يسعى عملياً إلى الحرب، وليس إلى إحلال الهدوء في المنطقة.
*كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني